للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قوله عن المسيح: {وَرُوحٌ مِّنْهُ} فخص بذلك لأنه نفخ في أمه من الروح، فحملت به من ذلك النفخ، وذلك غير روحه التي يشاركه فيها سائر البشر، فامتاز بأن حملت به من نفخ الروح، فلهذا سمي روحاً منه (١).

أما إضافة الروح إلى اللَّه في قوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} فهي إضافة مخلوق إلى خالقه، كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} (٢)، {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (٣)، والمضاف إلى اللَّه – تعالى – نوعان:

(أ) إن كان صفة مضافة إلى اللَّه لم تقم بمخلوق: كعلم اللَّه، وقدرة اللَّه، والقرآن كلام اللَّه، وحياة اللَّه، كان صفة للَّه تعالى.

(ب) وإن كان المضاف عيناً قائمة بنفسها أو صفة فيها، أو صفة لغير اللَّه: كالبيت، والناقة، والعبد، والروح كان مخلوقاً مضافاً إلى خالقه ومالكه.

لكن هذه الإضافة (ناقة اللَّه)، (بيت اللَّه)، (عباد اللَّه)، (روح اللَّه)، إضافة مخلوق إلى خالقه تقتضي التشريف، وبهذا يتبين أنه لا يوجد


(١) انظر: الجواب الصحيح، ٢/ ١٢٧، ١٢٨، ١٣٣، ٣٠٢، ٣٠٣، ودقائق التفسير، ٢/ ٣٤١، ٣/ ٣٢، والبغوي، ١/ ٥٠١، وابن كثير، ١/ ٥٩١، ٤/ ٣٩٥، وفتح القدير، ١/ ٥٤٠.
(٢) سورة الشمس، الآية: ١٣.
(٣) سورة الإنسان، الآية: ٦.

<<  <   >  >>