إحمل إلى هذا الذي يذكر أنه نبي وبدأ باسمه قبل اسمي ودعاني إلى غير ديني، فبعث إليه فيروز بن الديلمي مع جماعة من أصحابه وكتب معهم كتابا يذكر فيه ما كتب به كسرى، فأتاه فيروز بمن معه وقال له: إن ربي- يعني كسرى- أمرني أن أحملك إليه فاستنظره ليلة، فلما كان من الغد حضر فيروز سحبا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أخبرني ربي أنه قتل ربك البارحة سلط عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل فأمسك ريثما يأتيك الخبر» ، فراع ذلك فيروز وهاله وعاد فيروز إلى باذان فأخبره، فقال له باذان: كيف وجدت نفسك حين دخلت إليه؟ فقال: والله ما هبت أحدا قط كهيبة هذا الرجل، فقال باذان: إن كان ما قاله حقا فهو نبي، فلم يرعه إلّا ورود الخبر عليه بقتله في تلك الليلة من تلك الساعة، فأسلم باذان وفيروز ومن معهم من الأبناء، وظهر العنسي بما افتراه من الكذب فأرسل إلى فيروز أن اقتله، قتله الله، فقتله، وفي هذا الخبر من آيات الغيوب ما لا يعلمه إلّا الله أو من أطلعه عليه.
ومن أعلامه: أنه رأى ذراعي سراقة بن مالك بن جعشم دقيقين أشعرين فقال: «كيف بك إذا ألبست بعدي سواري كسرى» ، فلما فتحت فارس دعاه عمر وألبسه سواري كسرى وقال له: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم.
ومن أعلامه: ما رواه جابر بن عبد الله قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «أن النجاشي أصحمة قد توفي هذه الساعة فاخرجوا بنا إلى المصلى نصلي عليه فصلى عليه وكبّر أربعا فقال المنافقون إنظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط فأنزل الله تعالى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ «٧» . الآية.
ثم جاء الخبر بموت النجاشي من تجار وردوا المدينة.
ومثله ما روي أن ريحا هبت بتبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هذا لموت منافق عظيم النفاق قد مات في ذلك الوقت» .