أحدهما: أن الأنبياء والرسل واحد فالنبي رسول والرسول نبي، والرسول مأخوذ من تحمل الرسالة والنبي مأخوذ من النبأ وهو الخبر إن همز لأنه مخبر عن الله تعالى ومأخوذ من النبوة إن لم يهمز وهو الموضع المرتفع وهذا أشبه لأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد كان يخاطب بهما، والقول الثاني أنهما يختلفان لأن اختلاف الأسماء يدل على اختلاف المسميات، والرسول أعلى منزلة من النبي ولذلك سميت الملائكة رسلا ولم يسمّوا أنبياء واختلف من قال بهذ في الفرق بينهما على ثلاثة أقاويل: أحدها أن الرسول هو الذي تنزل عليه الملائكة بالوحي والنبي هو الذي يوحى إليه في نومه.
والثاني: أن الرسول هو المبعوث إلى أمة والنبي هو المحدث الذي لا يبعث إلى أمة، قاله قطرب، والقول الثالث أن الرسول هو المبتدىء بوضع الشرائع والأحكام والنبي هو الذي يحفظ شريعة غيره، قاله الجاحظ.
[وجوب التبليغ]
وإذا نزل الوحي على الرسول وعيّن له زمان الإبلاغ لم يكن له تقديمه عليه ولا تأخيره عنه وإن لم يعيّن له زمانه فعليه تبليغه في أول أوقات إمكانه فإن خاف من تبليغ ما أمر به شدة الأذى وعظم الضرر لزمه البلاغ ولم يكن الأذى عذرا له في الترك والتأخير لأن الأنبياء يتكلفون من احتمال المشاق ما لا يتكلفه غيرهم لعظم منزلتهم وما أمدوا به من القوة على تحمل مشاقهم وإن خاف منه القتل فقد اختلف المتكلمون في وجوب البلاغ فذهب بعضهم إلى اعتبار أمره بالبلاغ، فإن أمر به مع تخوف القتل لزمه أن يبلغ وإن قتل وإن أمر به مع الأمن لم يلزمه البلاغ إذا خاف القتل، وذهب آخرون منهم إلى اعتبار حاله فإن لم يبق عليه من البلاغ سوى ما يخاف منه القتل لزمه البلاغ وإن قتل وإن بقي عليه من البلاغ سوى ما يخاف منه القتل فإن لم يكن الأمر بالبلاغ مرتبا لزمه أن يقدم بلاغ ما يأمن منه القتل ثم يبلغ ما يخاف منه القتل، فإن قتل، فإن كان الأمر بالبلاغ مرتبا بابتداء ما يخاف منه القتل فإن الله تعالى يعصمه من القتل حتى يبلغ جميع ما أمر به لما تكفل به من إكمال دينه والله تعالى أعلم.