وقال اليعاقبة: الاتحاد هو الممازجة حتى صار منها شيء ثالث نزل من السماء وتجسد من روح القدس وصار إنسانا هو المسيح وهو جوهر من جوهرين وأقنوم من أقنومين جوهر لاهوتي وجوهر ناسوتي.
وقال الملكانية: المسيح جوهران أقنوم واحد، وليس لهذا المذهب شبهة تقبلها العقول وفسادها ظاهر في المعقول.
أما قولهم أن الله تعالى جوهر فقد دللنا على حدوث الجواهر فاستحال أن يكون القديم جوهرا.
وأما قولهم أنه ثلاثة أقانيم فإن جعلوها أشخاصا قالوا بالتثليث وامتنعوا من التوحيد وقد دللنا على أن القديم واحد وإن جعلوا الأقانيم خواص وصفات لذات واحدة فقد جعلوه أبا وابنا من جوهر أبيه فشركوا بينهما في الجوهر الإلهي وفضلوه على الآب بالجوهر الإنساني فلم يكن مع اشتراكهما في الإلهي أن يتولد من الآب بأولى أن يتولد منه الآب مع تفضيله بالجوهر الإنساني. وكيف يكون قديما ما تولد عن قديم وإنما ظهرت منه الأفعال الإلهية لأنها من قبل الله تعالى إظهارا لمعجزته وليست من فعله كفلق البحر لموسى عليه السلام وليس ذلك من إلهية موسى وقولهم جوهر لاهوتي وجوهر ناسوتي فناسوت المسيح كناسوت غيره من الأنبياء وقد زال ناسوته فبطل لاهوته.
[معنى الوحدانية]
فإذا ثبت أن الله تعالى واحد قديم فقد اختلف في معنى وحدانيته فقالت طائفة المراد بأنه واحد وأن جميع المحدثات منسوبة إلى قدرة واحدة أحدث القادر بها جميع المحدثات.
وقالت طائفة أخرى: المراد به نفي القسمة عن ذاته واستحال التبعض والتجزئة في صفته.
وقال الجمهور وهو المذهب المشهور أنه واحد الذات قديم الصفات تفرد بالقدم عن شريك مماثل واختص بالقدرة عن فاعل معادل لا شبه لذاته تنتفي