للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل له: لو كان هكذا وتحدى به صار معجزا ولا يكون مع عدم التحدي معجزا.

[الوجه الرابع في] فضائل أفعاله

وأما الوجه الرابع: في فضائل أفعاله فمختبر بثمان خصال:

[حسن سيرته صلى الله عليه وسلم]

إحداهن: حسن سيرته وصحة سياسته في دين ابتكر شرعه حتى استقر وتدبير أحسن وضعه حيت استقر وتدبير أحسن وضعه حتى استمر نقل به الأمة عن مألوف وصرفهم به عن معروف إلى غير معروف فأذعنت به النفوس طوعا وانقادت خوفا وطمعا وشديد عادة منتزعة إلّا لمن كان مع التأييد الإلهي معانا بحزم صائب وعزم ثاقب ولئن كان مأمورا بما شرع فهي الحجة القاهرة ولئن كان مجتهدا فيها فهي الآية الباهرة وحسبك بما استقرت قواعده على الأبد حتى انتقل عن سلف إلى خلف يزاد فيهم حلاوته ويشتد فيهم جدته ويرونه نظاما لأعصار تنقلب صروفها ويختلف مألوفها أن يكون لمن قام به برهانا ولمن إرتاب به بيانا.

[الرغبة والرهبة]

والخصلة الثانية: أن بين رغبة من استمال ورهبة من استطاع حتى اجتمع الفريقان على نصرته وقاموا بحقوق دعوته رغبا في عاجل وآجل، ورهبا من زائل ونازل لاختلاف الشيم والطباع في الانقياد الذي لا ينتظم بأحدهما ولا يستديم بهما، فلذلك صار الدين بهما مستقرا والصلاح بهما مستمرا.

[العدل]

الخصلة الثالثة: أنه عدل فيما شرعه من الدين عن غلو النصارى «٢٢» في التشديد وعن تقدير اليهود في التقصير إلى التوسط بينهما وخير الأمور أوساطها لأنه العدل بين طرفي سرف وتقصير فليس لما جاوز العدل حظ من رشد ولا


(٢٢) غلو النصارى: تجاوز الحد في المسيح حتى جعلوه ابنا لله جلّ الله عن ذلك وتنزه.

<<  <   >  >>