لا يشتبه بإفك فصار وروده كالعيان في وقوع العلم به اضطرارا فثبتت به الحجة ولزم به العلم، وقد قال الطفيل الغنوي مع أعرابية في وقوع العلم باستفاضة الخبر ما دلته عليه الفطرة وقاده إليه الطبع فقال:
تأوبني هم من الليل منصب «٧» ... وجاء من الأخبار ما لا يكذب
تظاهرن حتى لم يكن لي ريبة ... ولم يك عما أخبروا متعقب
الوحي والنبوّة
وأما ما يجوز لمدّعي النبوّة فينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكلمه الله تعالى بغير واسطة.
والثاني: أن يخاطبه بواسطة من ملائكته.
والثالث: أن يكون عن رؤيا منام.
فأما القسم الأول: إذا كلمه الله تعالى بغير واسطة مثل كلامه لموسى عليه السلام حين نودي من الشجرة على ما قدمناه في الاختلاف في صفته، فيعلم اضطرارا أنه من الله تعالى وفيما يقع به علم الاضطرار في كلامه لأهل العلم قولان:
أحدهما: أنه يضطره إلى العلم به كما يضطر خلقه إلى العلم بسائر المعلومات، فعلى هذا يستدل بمعرفة كلامه على معرفته ويسقط عنه تكليف معرفته ويجوز أن يكون كلامه من غير جنس كلام البشر للاضطرار إلى معرفة ما تضمنه.
والثاني: أن يقترن بكلامه من الآيات ما يدل عن أنه منه فعلى هذا لا يسقط منه تكليف معرفته ولا يصح أن يكلمه إلّا بكلام البشر لعدم الاضطرار إلى معرفته.
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون خطابه بواسطة من ملائكته الذين هم رسله إلى أنبيائه فعلى الأنبياء معرفة الله تعالى قبل ملائكته في رسالته وطريق