للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قول النصارى]

«٧» فأما النصارى فقد كانوا قبل أن تنصّر قسطنطين الملك على دين صحيح في توحيد الله تعالى ونبوّة عيسى عليه السلام ثم اختلفوا في عيسى بعد تنصّر قسطنطين وهو أول من تنصر من ملوك الروم، فقال أوائل النسطورية أن عيسى هو الله، وقال أوائل اليعاقبة أنه ابن الله، وقال أوائل الملكانية أن الآلهة ثلاثة احدهم عيسى. ثم عدل أواخرهم عن التصريح بهذا القول المستنكر حين استنكرته النفوس ودفعته العقول، فقالوا أن الله تعالى جوهر واحد هو ثلاثة أقانيم: أقنوم الآب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس، وأنها واحدة في الجوهرية وأن أقنوم الآب هو الذات وأقنوم الابن هو الكلمة وأقنوم روح القدس هو الحياة، واختلفوا في الأقانيم فقال بعضهم: هى خواص وقال بعضهم:

هي أشخاص، وقال بعضهم. هي صفات وقالوا: إن الكلمة اتحدت بعيسى واختلفوا في الاتحاد فقال النسطورية معنى الاتحاد أن الكلمة ظهرت حتى جعلته هيكلا وأن المسيح جوهران أقنومان أحدهما إلهي والآخر إنساني فلذلك صح منه الأفعال الإلهية من اختراع الأجسام وإحياء الموتى والأفعال الإنسانية من الأكل والشرب.


(٧) لقد تجاوز المؤلف رحمه الله قول الأريوسية أي آريوس وأتباعه الذين ذكرهم الرسول الكريم في رسالته إلى قيصر ملك الروم في قوله صلى الله عليه وسلم «فإن عليك إثم الأريسيين،» الذين قالوا بأن المسيح هو الكلمة، كلمة الله وأن الكلمة محدثة أي أنها مخلوق من مخلوقات الله وأن المسيح بالتالي نبي من الأنبياء فقط، وأنه إنسان. لكن بعد اتفاق بعض البطاركة والمطارنة مع الملك قسطنطين الأول على جعل المسيحية دين الدولة الرومانية مقابل بعض التعديلات في أسس لعقيد المسيحية وقد تطورت هذه التعديلات حتى وصلت إلى فكرة التثليث في مجمع نيقيا أي أنها تبنت الديانة الوثنية الرومانية القائلة بثلاثية الألوهة زفس- كرونوس- جوبيتر بتسمية جديدة الآب، الإبن، الروح القدس. وقول الوثنية الرومانية بأن هيرا آلهة الأرض وأم الإله ألبسوه للعذراء مريم. وقد أبيد الأريوسيين وحرموا وكفّروا واضطهدوا حيثما وجدوا، أما الذين سبق أن قتلتهم الوثنية الرومانية منهم قبل تبني الدولة لمسيحية التثليث فاعتبرتهم الكنيسة شهداء وقديسين لكنها حرّمت كتبهم مدعية أن فيها كفرا وهرطقة فتأمل.

<<  <   >  >>