للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلِّهِ* «٢٤» وتصديقا لقول رسوله صلى الله عليه وسلم زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها، وكفى بهذا قياما بحقه وشاهدا على صدقه.

[سخاؤه وجوده صلى الله عليه وسلم]

الخصلة الثامنة: ما منح من السخاء والجود حتى جاد بكل موجود وآثر بكل مطلوب ومحبوب ومات ودرعه مرهونة عند يهودي على آصع من شعير لطعام أهله وقد ملك جزيرة العرب وكان فيها ملوك وأقيال لهم خزائن وأموال يقتنونها زخرا ويتباهون بها فخرا ويستمتعون بها أشرا وبطرا وقد حاز ملك جميعهم، فما اقتنى دينارا ولا درهما، لا يأكل إلّا الخشب ولا يلبس إلّا الخشن ويعطي الجزل الخطير ويصل الجم الغفير ويتجرع مرارة الإقلال ويصبر على سغب الاختلال وقد حاز غنائم هوازن وهي من السبي ستة آلاف رأس ومن الإبل أربعة وعشرون ألف بعير ومن الغنم أربعون ألف شاة ومن الفضة أربعة آلاف أوقية. فجاد بجميع حقه وعاد خلوا.

وروى أبو وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء. وروى عمرو بن مرة عن سويد بن الحرث عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ما يسرني أن لي أحدا ذهبا أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت وعندي منه دينار إلّا أن أعده لغريم» .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل وهو معدم وعد ولم يرد وانتظر ما يفتح الله.

فروى حماد بن زيد عن المعلى بن زياد عن الحسن أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: «إجلس سيرزقك الله» ، ثم جاء آخر، ثم آخر، فقال لهم: «إجلسوا» ، فجاء رجل بأربع أواقي فأعطاه إياها وقال: يا رسول الله هذه صدقة، فدعا الأول فأعطاه أوقية، ثم دعا الثاني فأعطاه أوقية، ثم دعا الثالث فأعطاه أوقية، وبقيت معه أوقية واحدة فعرض بها للقوم فما قام أحد،


(٣٤) سورة التوبة الآية (٣٣) .

<<  <   >  >>