للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعدك من هو دونك ألين منك.

فأما المملكا الثالثة التي هي مثل النحاس فتسقط على الأرض كلها وأما المملكة الرابعة التي هي مثل الحديد فتكون عزيزة كما أن الحديد يهشم الجميع فكذلك هذه تسحق وتغلب الكل.

وأما الأرجل والأصابع التي رأيت أن منها من خزف الفخار ومنها من حديد فإن المملكة تكون مختلفة ومتفرقة يكون منها أصل من جوهر الحديد وخلط من خزف الفخار فيكون بعض المملكة قويا وبعضها واهيا كسيرا لا يأتلف بعضها ببعض كما لا يختلط الحديد بالخزف.

وأما الحجر الواقع من الجبل فإن إله السماء يرسل مملكة من عنده لأنه لم تقطع الحجر يد إنسان في زمان هذه الممالك يهلكها ويبقى إلى آخر الدهر ولا يكون لأمة أخرى مملكة ولا سلطان إلا دقه كما يدق الحجر الحديد والنحاس والفضة والذهب فعرّفك الله العظيم ما يكون بعدك في آخر الأيام، فهذه رؤياك وتأويلها.

فخر بختنصر على وجهه ساجدا لدانيال وقال: إن إلهكم هذا هو إله الآلهة ورب الأملاك حقا وهو مبدي السرائر، وجعل دانيال رأسا مؤمرا على أرض بابل، ومعلوم أنه لم يرسل الله تعالى سلطانا أزال به الممالك وملأ به الأرض ودام له الأمر إلا بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم.

[من بشائر أرميا بن برخنا من أنبياء بني إسرائيل في أيام بختنصر]

لما قتل أهل الرس نبيهم، قال ابن عباس: أمر الله تعالى أن يأمر بختنصر أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم فيقتلهم بما صنعوا بنبيهم، فأمره بذلك فدخل بختنصر بلاد العرب، فقتل وسبى حتى انتهى إلى تهامة فأتى بمعد بن عدنان فأمر بقتله، فقال له النبي: «لا تفعل فإن في صلب هذا نبيا يبعث في آخر الزمان يختم الله به الأنبياء» ، فخلى سبيله وحمله معه حتى أتى حصونا باليمن فهدمها وقتل أهلها وزوّج معدا بأجمل امرأة منهم في زمانها وخلفه بتهامة حتى نسل بها، قال ابن عباس: وفي ذلك نزل قوله تعالى: وَكَمْ

<<  <   >  >>