للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثالث عشر في معجزة صلى الله عليه وسلم بما ظهر من البهائم

إذا كان الإعجاز خارقا للعادة لم يمتنع فيه ظهور ما خالفها وإذا كانت البهائم مسلوبة الإفهام مفقودة الكلام فليس بمستنكر إذا أراد الله تعالى بها إظهار معجز أن يعطيها من المعرفة أن تنطق بما ألهمها وتخبر بما أعلمها ثم سلبها ذلك فتعود إلى طبعها كما أحل في الشجرة كلاما سمعه موسى وفي العصا أن صارت حية تسعى لتكون من باهر الآيات وقاهر المعجزات.

فمن آياته صلى الله عليه وسلم: أن رجلا كان في غنمه يرعاها فأغفلها ساعة من نهاره فخاتله «١» ذئب فأخذ منها شاة فأقبل يلهف فطرح الذئب الشاة ثم كلمه بكلام فصيح فقال: ويحك لم تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى؟ فجعل أهبان يصفق بيديه ويقول: تالله ما رأيت كاليوم «ذئب يتكلم!» فقال الذئب: أنتم عجب وفي شأنكم عبرة هذا محمد يدعو إلى الحق ببطن مكة وأنتم لا هون عنه، فهدي الرجل لرشدة وأقبل حتى أسلم وحدّث القوم بقصته، وبقي لعقبه شرف يفخرون به على العرب ويقول مفتخرهم: أنا إبن مكلم الذئب.

ومن آياته صلى الله عليه وسلم: ما رواه أبو سعيد الخدري قال: بينما راع يرعى في الحرة غنما إذ جاء ذئب إلى شاة من غنمه فانتهرها فحال الراعى بين الذئب والشاة فأقعى الذئب على عريمة ذنبه وقال للراعي: ألا تتقي الله تحول بيني وبين رزق


(١) خاتله: غافله وخادعه.

<<  <   >  >>