حتى أتي بنا إلى حاضر لجب كثير الأهل فأطعمنا من الثريد ما أذهب قرمنا ثم خرجنا حتى قضى الله تجارتنا فصحبنا رجل من يهود، فلما كنا بذلك الوادي هتف هاتف فقال:
إياك لا تعجل وخذها موبقه ... فإن شر السير سير الحقحقه
قد لاح نجم فاستوى في مشرقه ... يكشف عن ظلما عبوس موبقه
يدعو إلى ظل جنان مونقه
فقال اليهودي: تدرون ما يقول هذا الصارخ؟ قلنا: ما يقول؟ قال:
يخبر أن نبيا قد ظهر خلافكم بمكة، فقدمنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة.
ومن بشائر هتوفهم: ما حكاه أبو عيسى، قال: سمعت قريش في الليل هاتفا على أبي قبيس يقول:
فإن يسلم السعد أن يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف مخالف
فلما أصبحوا قال أبو سفيان: من السعدان سعد بكر وسعد تميم، فلما كان في الليلة الثانية سمعوه يقول:
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات زخارف
فلما أصبحوا قال أبو سفيان: هما والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.
ومن بشائر هتوفهم: ما رواه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن أسماء بنت أبي بكر قالت: ما علم المشركون من أهل مكة أين يوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة حتى هتف هاتف بعد ذلك بأيام فقال:
جزى الله خيرا والجزاء فريضة ... رفيقين حلّا خيمتي أم معبد
هما دخلا بالهدى واهتدى به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بني كعب محل فتاتهم ... ومقعدها للمسلمين بمرصد
وقالت أسماء: ما علم المشركون من أهل مكة بوقعة بدر حتى هتف