للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلا ورب البيت ذي الأنصاب ... ما ذبح عبد الله بالتلعاب «٦»

يا شيب إن الريح ذو عقاب ... إن لنا جرة في الخطاب

أخوال صدق كأسود الغاب

فلما سمعت بنو مخزوم هذا من أبي طالب، وكانوا أخواله، قالوا صدق ابن أختنا، ووثبوا إلى عبد المطلب، فقالوا: يا أبا الحرث إنا لا نسلم ابن أختنا للذبح فاذبح من شئت من ولدك غيره، فقال: إني نذرت نذرا وقد خرج القدح ولا بد من ذبحه، قالوا: كلا لا يكون ذلك أبدا وفينا ذو روح وإنا لنفديه بجميع أموالنا من طارف وتالد «٧» ، وأنشأ المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم مرتجزا يقول:

يا عجبا من فعل عبد المطلب ... وذبحه ابنا كتمثال الذهب

كلا وبيت الله مستور الحجب ... ما ذبح عبد الله فينا باللعب

فدون ما يبغي خطوب تضطرب

ثم وثب السادات من قريش إلى عبد المطلب فقالوا: يا أبا الحرث إن هذا الذي عزمت عليه عظيم وإنك إن ذبحت ابنك لم تتهن بالعيش من بعده «٨» ولكن لا عليك أنت على رأس أمرك تثبت حتى نسير معك إلى كاهنة بني سعد فما أمرتك من شيء فامتثله، فقال عبد المطلب: لكم ذلك، وكانوا يرون الكهانة حقا، ثم خرج في جماعة من بني مخزوم نحو الشام إلى الكاهنة فلما دخلوا عليها أخبرها عبد المطلب بما عزم عليه من ذبح ولده وارتجز يقول:

يا رب إني فاعل لما ترد ... إن شئت ألهمت الصواب والرشد

يا سائق الخير إلى كل بلد ... قد زدت في المال وأكثرت العدد

فقالت الكاهنة: انصرفوا عني اليوم، فانصرفوا وعادوا من الغد، فقالت: كم دية الرجل عندكم؟ قالوا: عشرة من الإبل، قالت: فارجعوا إلى بلدكم وقدموا هذا الغلام الذي عزمتم على ذبحه وقدموا معه عشرة من


(٦) التلعاب: اللعب أي أنه ليس أمرا سهلا ولا مقبولا.
(٧) الطارف: الجديد. التالد: الموروث.
(٨) كما خافوا أن يتخذ الناس ذلك سنة بعده.

<<  <   >  >>