بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة إذ للباه يعتلجان
كما غادر المصباح بعد خموده ... قتائل قد ميثت له بدهان
وما كل ما يحوي الفتى من بلاده ... لحزم ولا ما فاته لتوان
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... سيكفيكه جدان يعتلجان
ولما حوت منه أمينة ما حوت ... منه فخارا ما لذلك ثان
سيكفيكه إما يد منغلة ... وإما يد مبسوطة لبنان
وهذا من آيات الله تعالى في رسوله إن عصم أباه حين كان في ظهره أن يضعه من سفاح حتى وضعه من نكاح ثم زالت العصمة بعد وضعه حتى عرض بالطلب بعد أن كان مطلوبا ورغب فيه بعد أن كان مرغوبا ثم لم يشركه في ولادته من أبويه أخ ولا أخت لانتهاء صفوتهما إليه وقصور نسبهما عليه ليكون مختصا بنسب جعله الله تعالى للنبوّة غاية ولتفرده بها آية فيزول عنه أن يشارك فيه ويماثل به فلذلك مات أبواه عنه في صغره فأما أبوه عبد الله فمات عنه بمكة وهو حمل وأما آمنة فماتت عنه بالمدينة وهو ابن ست سنين لأنها رحلت إليها لزيارة أخوالها من بني النجار فماتت عندهم، وإذا خبرت حال نسبه وعرفت طهارة مولده علمت أنه سلالة آباء كرام سادوا ورأسوا لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ليس في آبائه خامل مسترذل ولا مغمور مستذل، كلهم سادة قادة، وهم أخص الناس بالمناكح الطاهرة حتى تحرجوا من نكاح المحارم وإن استباحه غيرهم من العرب حتى حكي أن حاجب بن زرارة وهو سيد بني تميم نكح بنته وأولدها، وقد كان سماها دختنوس باسم بنت كسرى، وقال فيها حين نكحها مرتجزا: