فإن قيل لو كان لنظم القرآن أسلوب معجز لما طلب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عند جمع القرآن من يأتيه بالآية والآيتين شهودا أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كتفى بأسلوب نظمه عن بينة تشهد به، ولكان لا يشتبه على ابن مسعود في المعوّذتين حين أخرجهما من القرآن ولا على أبيّ بن كعب في القنوت حين أدخله في القرآن ولا على امرأة ابن رواحة في شعره حتى توهمته من القرآن فعنه جوابان:
أحدهما: أن عمر التمس الشهادة في الآية والآيتين مما لا يكون بانفراده معجزا لأن الإعجاز مختص بما وقع به التحدي وأقل ما يقع به التحدي كأقصر سورة في القرآن آيات وحروفا وهي سورة الكوثر، وما قصر عنه لا إعجاز فيه فكان طلبه للشهادة متوجها إليه.
والثاني: أنه طلب الشهادة على محلها من أي سورة هي وفي أي موضع منها وإن كان معلوم الأسلوب بالمباينة لأن الله تعالى كان يأمر بوضع ما أنزله فيما يراه من السور لقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ