للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب التاسع فيما شوهد من معجزات أفعاله

إن الله تعالى قدر لعباده أفعالا كما قدر لهم أجساما وآجالا انتهى إلى غاية أعجزهم عن تجاوزها لتكون أفعالهم مقصورة على عرف مألوف وحد معروف يتواصلون بها إلى مصالحهم فيعلمون أن ما تجاوزها وخرج عن عرفها من أفعال الله تعالى فيهم لا من أفعالهم إن أظهرها في أحدهم دل على اختصاصه بالله تعالى دونهم فكان بها ممتازا وإليه تعالى منحازا ليخص بطاعة إلهية كما اختص بأفعال لا هوتية فلذلك صارت الأفعال المعجزة شاهدة على صحة النبوّة.

فمن أعلامه: ما رواه البخاري عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال:

قلت لجابر بن عبد الله حدتني بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته منه أرويه عنك، فقال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق نحفر فلبثنا ثلاثة أيام لم نطعم طعاما ولا نقدر عليه فعرضت في الخندق كدية «١» غليظة لا يعمل فيها الفأس فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذه كدية قد عرضت في الخندق ورششنا عليها الماء فقام وبطنه معصب بالحجر «٢» فأخذ المعول والمسحاة ثم سمى ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل «٣» فلما رأيت ذلك منه قلت يا رسول الله أئذن لي فأذن لي فجئت إلى


(١) كدية: صخرة صلبة.
(٢) وكانوا يعصبون بطونهم بالحجارة من الجوع فيخف ألمهم.
(٣) كثيبا أهيل: تلا صغيرا من رمل خفيف ناعم.

<<  <   >  >>