للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن

قال ابن إسحاق في حديثه عن أُحد: "وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يأخذ هذا السيف بحقّه؟ فقام إليه رجال، فأمسكه عنهم، حتى قام إليه أبو دجانة سِمَاك بن خَرَشة، أخو بني ساعدة، فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن تضرب به العدو حتى ينحني. قال: أنا آخذه يا رسول الله بحقه، فأعطاه إيّاه. وكان أبو دجانة رجلًا شجاعًا يختال عند الحرب إذا كانت، وكان إذا أُعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه، وجعل يتبختر بين الصفيّن. قال ابن إسحاق: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن رجل من الأنصار من بني سلمة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنها لمشية يبغضها الله إلاّ في مثل هذا الموطن (١) ".

والجزء الأول من الخبر ثابت في صحيح مسلم عن أنس - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

أخذ سيفًا يوم أحد، فقال: "من يأخذ مني هذا؟ " فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: "فمن يأخذه بحقه؟ " قال: فأحجم القوم، فقال سماك بن خرشة أبو دجانة: أنا آخذه بحقه. قال: فأخذه، ففلق به هامَ المشركين (٢) ". وقد ذكره ابن إسحاق منقطعًا، كما قال ابن كثير (٣).

أما الشطر الثاني من الخبر، فقد رواه ابن إسحاق عن جعفر بن عبد الله، قال الحافظ عن جعفر هذا: "مقبول (٤) ". أي عند المتابعة، وإلا فليّن الحديث. كما نصّ على ذلك في المقدمة. والسّند فيه أيضًا جهالة وانقطاع، فالرجل الذي من الأنصار لم يُسمّ، ولا يمكن أن يكون صحابيًا؛ لأن جعفر بن


(١) الروض الأنف (٥/ ٤٢٧).
(٢) صحيح مسلم، باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة - رضي الله عنه - (١٦/ ٢٤ نووي).
(٣) البداية والنهاية (٤/ ١٥).
(٤) التقريب (١/ ١٣١)

<<  <   >  >>