للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرضُ قريش على أبي طالب عُمارة بن الوليد بدل محمَّد - صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق -رحمه الله-: "ثم إن قريشًا حين عرفت أن أبا طالب أبى خذلان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإسلامه، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه ومعهم عمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له فيما بلغنا: "يا أبا طالب قد جئناك بفتى قريش عمارة بن الوليد، جمالًا وشبابًا ونهادة، فهو لك نصره وعقله، فاتخذه ولدًا، لاتُنازع فيه، وخلّ بيننا وبين ابن اخيك هذا، الذي فارق دينك ودين آبائك، وفرّق جماعة قومه، وسفّه أحلامهم، فإنما رجل كرجل، لنقتله، فإن ذلك أجمع للعشيرة، وأفضل في عواقب الأمور مغبة". فقال لهم أبو طالب: "والله ما أنصفتموني، تعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابن أخي تقتلونه! هذا والله لا يكون أبدًا. أفلا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحنّ إلى غيره؟ " فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: "لقد أنصفك قومك يا أبا طالب. وما أراك تريد أن تقبل ذلك منهم". فقال أبو طالب للمطعم بن عدي: "والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت على خذلاني ومظاهرة القوم علي، فاصنع ما بدا لك (١) ".

وهذا مرسل ساقه ابن إسحاق بدون إسناد.

ورواه ابن سعد في (الطبقات) (٢) عن شيخه محمَّد بن عمر الواقدي. وذكرها الذهبي في (السيرة) (٣) عن ابن إسحاق.

فائدة: قال ابن كثير -رحمه الله-: "وكان استمراره (أبو طالب) على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية، إذا لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة. ولا كانوا يهابونه


(١) سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمَّد حميد الله. ص ١٣٣.
(٢) ١/ ٢٠٢.
(٣) ص ١٥٢.

<<  <   >  >>