للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسكران بن عمرو هل تنصّر؟

وإن كانت شهرة هذه القصة دون سابقتها بكثير، ذلك أنه لم يرو فيها شيء صحيح، بل ولا ضعيف - فيما أعلم - وقد ترجم له الحافظ في (الإصابة) فقال: "السكران بن عمرو بن عبد شمس ... أخو سهيل بن عمرو، ذكره موسى بن عقبة في مهاجرة الحبشة، وكذا قال ابن إسحاق وزاد أنه رجع إلى مكة فمات بها، فتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده زوجته سودة بنت زمعة ... وزعم أبو عبيدة (١) أنه رجع إلى الحبشة فتنصّر بها ومات، وقال البلاذري: الأول أصح، ويقال: إنه مات بالحبشة (٢) ".

وترجم له ابن عبد البر في (الاستيعاب) (٣) ولم يذكر شيئًا عن تنصّره. وليس في سيرة ابن إسحاق ذكرٌ لردته عند الحديث عن: "تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من مكة (٤) " بل في حديثه عن "تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - سودة بنت زمعة " قال -رحمه الله- بدون سند - "ثم تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت قبله عند السكران بن عمرو، أخي سهيل بن عمرو، وكان ابن عمها، تزوجها وهي بكر، فهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مكة فمات عنها مسلمًا بمكة فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥) ".

وليس في ترجمته من (طبقات ابن سعد (٦)) شيء عن ردّته، ولا عند ذكر سودة - رضي الله عنها - في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (٧). ولم يشر إلى شيء من ذلك الذهبي في (السير) ولا تلميذه ابن كثير في (البداية) -رحمه الله- وقال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تاريخه: "ذكْرُ


(١) مَعْمَر بن المثني (ت ٢٠٩ هـ).
(٢) الإصابة (٢/ ٥٧).
(٣) بهامش الإصابة (٢/ ١٢٤).
(٤) سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمَّد حميد الله (ص ١٥٦).
(٥) ص ٢٣٨. تحقيق حميد الله.
(٦) ٤/ ٢٠٤.
(٧) ٨/ ٥٢.

<<  <   >  >>