[قصيدة كعب بن زهير]
قال ابن إسحاق: "ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منصرفه عن الطائف كتب بُجير بن زهير بن أبي سُلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل رجلًا بمكة، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا من كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة فَطِرْ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لايقتل أحدًا جاءه تائبًا، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجاتك من الأرض، وكان كعب بن زهير قد قال:
ألا أبلغا عني بجيرًا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا؟
فبيّن لنا إن كنت لست بفاعل ... على أي شيء غير ذلك دلكا؟
على خُلق لم تُلَفِ أُمًا ولا أبًا ... عليه ولم تدرك عليه أخًا لكا
فإنت أنت لم تفعل فلست بآسف ... ولا قائل إما عثرت: لعًا لكا
ثم قال ابن إسحاق -رحمه الله-: "فلما بلغ كعبًا الكتاب ضاقت به الأرض،
وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عَدوّه، فقالوا: هو
مقتول. فلما لم يجد من شيء بدًّا، قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
وذكر فيها خوفه وارجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة
فصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... فذُكر لي أنه قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس
إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرفه، فقال: يا رسول الله إن
كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه إن أنا
جئتك به؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: أنا يا رسول الله -
كعب بن زهير. قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنه وثب
عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، دعني وعدو الله أضرب عنقه،
فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعه عنك، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه.