للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال -رحمه الله- في موضع آخر: "ما كان عشٌّ كما يقولون، ولا حمامة وقعت على الغار، ولا شجرة نبتت على فم الغار، ما كان إلا عناية الله عز وجل؛ لأن الله معهما (١٤) ".

فائدة: أورد الشيخ الألباني -رحمه الله- في السلسلة الضعيفة (٣/ ٣٣٧) حديثًا عزاه إلى مسند الفردوس للديلمي وهو: "جزى الله عَزَّ وَجَلَ العنكبوت عنا خيرًا فإنها نسجت علي وعليك يا أبا بكر في الغار، حتى لم يرنا المشركون، ولم يصلوا إلينا"، وقال -رحمه الله- عن الحديث: منكر، ثم ختم كلامه بقوله: "واعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار والحمامتين على كثرة ما يُذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات .. ".

وأخرى: أخرج الحاكم في المستدرك (٣/ ٤) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ فأسكني أحب البلاد إليك" فأسكنه الله المدينة. ثم قال الحاكم: "هذا حديث رواته مدنيّون من بيت أبي سعيد المقبري". وتعقبه الذهبي بقوله: "لكنه موضوع، فقد ثيت أن أحب البلاد إلى الله مكة" ا. هـ.

وسئل شيخ الإِسلام -رحمه الله- عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث باطل كذب". (الفتاوى ١٨/ ١٢٤) وقال في (١٨/ ٣٧٨): "هذا باطل، بل ثبت في الترمذي وغيره أنه قال لمكة: "والله إنكِ لأحبّ بلاد الله إلى الله" وقال: "إنك لأحبّ البلاد إليّ" فأخبر أنها أحبّ البلاد إلى الله وإليه. وقال -رحمه الله- في (٢٧/ ٣٦): "فهذا حديث موضوع كذب لم يروه أحد من أهل العلم" أ. هـ.

ومن إنصاف الإِمام الكبير أبي عمر بن عبد البر -رحمه الله- قوله: "واني لأعجب ممن يترك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ وقف بمكة على الحَزْورة وقيل على الحجون وقال: "والله إني أعلم أنك خير أرض الله .. " وهذا حديث صحيح .. فكيف يُترك مثل


(١٤) المرجع السابق ص ٣٠٣.

<<  <   >  >>