للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عام الحزن]

عُرف العام العاشر من البعثة عند المتأخرين بعام الحزن، ذلك أن هذا العام قد شهد وفاة أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - وأبي طالب عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان بين وفاتيهما أيام يسيرة، وذكروا أنه - صلى الله عليه وسلم - لشدة حزنه سمى هذا العام عام الحزن.

فهل صح ذلك؟

لم تَردْ هذه التسمية في شيء من الأحاديث الصحيحة، بل ولا الضعيفة، ولا في شيء من كتب السيرة وشروحها، كسيرة ابن إسحاق وشرحها للسهيلي، ولم يذكر هذا اللفظ -فيما أعلم- أحد ممّن كتب في السيرة كابن القيم والذهبي وابن كثير، ولا غيرهم من شرّاح الأحاديث كالنووي وابن حجر -رحمهم الله-، قال الشيخ الساعاتي -رحمه الله- في (الفتح الرباني): "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمي ذلك العام عام الحزن كذا في المواهب اللدنية (١) ".

وقال الشيخ الألباني في تعقيبه على البوطي في قوله: (ولقد أطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا العام (عام الحزن) لشدة ما كابد فيه من الشدائد في سبيل الدعوة) قال -رحمه الله-: "من أي مصدر من المصادر الموثوقة أخذ الدكتور هذا الخبر؟ وهل إسناده -إن كان له إسناد- مما تقوم به الحجة؟ فإني بعد مزيد البحث لم أقف عليه ... والمصدر الوحيد الذي رأيته قد أورده إنما هو القَسطَلاّني في (المواهب اللدنية) فلم يزد على قوله: (فيما ذكره صاعد) وصاعد هذا هو ابن عبيد البجلي كما قال الزرقاني في شرحه عليه فما حال صاعد هذا؟ إنه مجهول لا يُعرف، ولم يوثقه أحد، بل أشار الحافظ (*) إلى أنه ليّن الحديث إذا لم يتابع، كما هو حاله في هذا الخبر. على أن قول القسطلاني: (فيما ذكره صاعد) يُشعر أنه ذكره معلقًا بدون إسناد فيكون معضلًا، فيكون


(١) الفتح الرباني (٢٠/ ٢٢٦).
(*) ابن حجر، حيث قال في التقريب عن صاعد: "مقبول". وقد نص في مقدمة التقريب على أن من وصفه بأنه مقبول فذلك حيث يتابع وإلا فليّن الحديث. (١/ ٥).

<<  <   >  >>