الأحاديث عند تفسيرهم للآيات السابقة من سورة يّس، مع عنايتهم بذكر سبب النزول، كالطبري والقرطبي وابن الجوزي والزمخشري، وأوردها ابن كثير نقلًا عن ابن إسحاق، بل ذكر أكثرهم سببًا آخر للنزول لم يثبت هو الآخر.
واعلم أن في قصة الهجرة تساؤلات كثيرة، ففي صحيح البخاري في حديث الهجرة عن عائشة - رضي الله عنها:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، وهي ساعة لم يكن يأتيه فيها، وأخبره بأنه قد أُذن له في الخروج، قالت: فجهزناهما أحثَّ الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب ... ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغارٍ في جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليال (١٨) ". فمتى حاصر المشركون بيته؟ -على القول بصحة القصة- هل كان قبل ذهابه إلى بيت أبى بكر؟ فأين قضى - صلى الله عليه وسلم - هذا الوقت الذي استغرق ليلة ونصف نهار قبل أن يذهب إلى بيت صاحبه الصديق - رضي الله عنه -؟ أو كان بعد عودته من بيت أبي بكر وإخباره له بالهجرة؟ وهذا لا يستقيم مع رواية البخاري، فإن ظاهرها أن التوجه إلى الغار كان من بيت أبي بكر.
ومن هذه التساؤلات: متى تم استئجار ابن أريقط؟ ومنها: - على القول بصحة الحصار -أين كان بنو هاشم عن هذه المؤامرة؟ ولماذا سكتوا عنها؟ ولم يُسمع لهم فيها بأدنى ذكر؟ صحيح أن أبا طالب قد مات، لكن ذلك لا يعني عدم وجود آخرين من بني هاشم تأخذهم الحمية والأنفة لابن أخيهم، وعلى رأس الهاشميين العباس بن عبد المطلب وهو الذي قد رافق -وكان لا يزال مشركًا- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لقائه بالآنصار في بيعة العقبة الثانية، بل وبدأ بالحديث حينها، وبيّن للحاضرين أن ابن أخيه في عزّ ومنعة من قومه، لكنه أبى إلا الانحياز إليهم، ثم تثبّت منهم إن كانوا صادقين في بيعتهم. ثم كيف علمت قريش بموعد هجرته - صلى الله عليه وسلم - حتى تقوم بمثل هذه الأمور؟ إلى غير ذلك من