للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسجده، ومساكنه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وأسلم عبد الله بن سلام، وشُرع الأذان (٢٧) ". ولا ريب أن المعاهدة مع اليهود - لو صحّ سندها - أهم من بعض ما ذكر.

وقد لا يكون الأمر مشكلًا إذا ذُكرت الحادثة بصيغة التضعيف: يُروى، يُذكر، ونحوهما من الصيغ، لكن المشكل إذا بُني على هذه الحادثة - أو غيرها من حوادث السيرة التي لم يثبت - حكم، أو أحكام تشريعية "كما لو كان الأمر متعلقًا بأصل العقيدة أو بأصل ينبني عليه حكم من أحكام الشريعة وهو الصلح مع اليهود (٢٨) " فحينئذ ينبغي التأكد من صحة الخبر أولًا، ثم استخراج الأحكام منه، كما يقال في مثل ذلك: "أثبت العرش ثم انقش" والله أعلم.

وأشار الشيخ سلمان العودة -رحمه الله- إلى هذه الوثيقة وبيّن ضعف أسانيدها ثم قال: "وقد روى أبو داود عن كعب بن مالك، في قصة قتل كعب بن الأشرف، وفيه: فلما قتلوه، فزعت اليهود والمشركون، فغدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: طُرق صاحبنا، فقُتل، فذكر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابًا ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينهم وبين المسلمين عامة صحيفة" رواه أبو داود، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة، ... من طريق محمَّد بن يحيى بن فارس عن الحكم بن نافع عن شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه .. فالحديث بهذا الإسناد صحيح (*) ... ويلحظ في هذه الرواية تأخّر الكتابة عن بداية العهد المدني، وهذا خلاف ما عليه معظم أهل السير والمؤرخين وغيرهم،


(٢٧) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٠).
(٢٨) بيان الحقيقة في الحكم على الوثيقة. ص ٣٩.
(*) وصححها الحافظ ابن حجر (الفتح ٧/ ٣٣١) وسيأتي ذلك في: إجلاء بني النضير وصححها أيضًا الأرناؤوط في تخريج (جامع الأصول) (٨/ ٢١٨).

<<  <   >  >>