رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب، إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين؛ لأنهم تناولوا مقصود النقل، وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها، وما أخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق لأني وجدت جمهور المحدثين وطلاب الحديث همة أحدهم في الحديث العالي وتكثير الأجزاء.
وجمهور الفقهاء في علوم الجدل وما يغالب به الخصم، وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء؟
وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه لا لاقتباس علمه؛ وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته، فافهم هذا، وامزج طلب الفقه والحديث بمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا؛ ليكون سبباً لرقة قلبك. (١)
وقال في موضع آخر:
[فصل: التلطف بالنفس]
" تأملت العلم والميل إليه والتشاغل به، فإذا هو يقوي القلب قوة تميل به إلى نوع قساوة.، ولولا قوة القلب، وطول الأمل لم يقع التشاغل به، فإني أكتب الحديث أرجو أن أرويه، وابتدئ بالتصنيف أرجو أن أتمه، فإذا تأملت باب المعاملات قلَّ الأمل، ورق القلب، وجاءت