فأما استعداده العقلي فينبغي أن يكون المتفقه ذكيًا، قوي المدارك، يعرف مقتضى الكلام ومعناه، عنده ملكة جيدة في الحفظ والاستذكار، ولذلك كانوا يبدأون بحفظ القرآن لصقل هذه الملكة عند طالب العلم، وليعتاد ذلك منذ الصغر وتقدير مقوماته الإدراكية، فضلاً عن النور الذي يبعثه القرآن في صدره.
وأما استعداده القلبي والخلقي فأعني أن يكون المتفقه صافي النفس من أدران الدنيا وشوائبها، مخلصًا في طلب الحق والمعرفة، عدلا يجتنب المعاصي ويلتزم بالطاعات، متحليًا بصفات المروءة
وقد كان سلفنا الصالح يختبرون المتعلم أولاً، فإن وجدوا فيه خلقًا رديئًا منعوه؛ لئلا يكون آلة فساد، وإن وجدوه مهذبًا علموه، ولا يطلقونه قبل الاستكمال خوفًا على فساد دينه ودين غيره.
أما استعداده الشخصي فإن تكوين الملكة الفقهية يحتاج إلى كبير همة وجد ومثابرة وصبر على ذل التعلم، فالمتفقه لا يترك لحظة دون تعلم واستكثار من ميراث النبوة، وتعاهده بالحفظ، والمذاكرة المستمرة
قالوا: العلم ما ثبت في الخواطر لا ما حوته الدفاتر.