للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطبقة الثالثة: الأشقياء، لا رواية، ولا دراية، ولا رعاية، " إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا " [الفرقان /٤٤] فهم الذين يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، إنْ همة أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقت همته كان همه ـ مع ذلك ـ لباسه وزينته، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه في الرياسة والانتصار للنفس الغضبية، فإن ارتفعت همته عن نصرة النفس الغضبية كان همه في نصرة النفس الكلبية، فإن لم يعطها انتقل إلى نصرة النفس السبعية، فلا يعطيها إلا واحد من هؤلاء فإنَّ النفوس: كلبية، وسبعية، وملكية.

فالكلبية تقنع بالعظم والكسرة والجيفة والقذرة.

والسبعية لا تقنع بذلك، بل بقهر النفوس، تريد الاستعلاء عليها بالحق والباطل.

وأما الملكية فقد ارتفعت عن ذلك، وشمرت إلى الرفيق الأعلى، فهمتها العلم والإيمان ومحبة الله تعالى، والإنابة إليه، وإيثار محبته ومرضاته، وانما تأخذ من الدنيا ما تأخذ؛ لتستعين به على الوصول إلى فاطرها وربها ووليها لا لتنقطع به عنه " (١) أهـ

بعد هذا الكلام المتين لابن القيم ـ رحمه الله تعالى وملأ قبره نوراً ـ، علمنا أنَّ النَّاس في العلم صنفان بتصنيف رسول الله صلى الله عليه وسلم:

حفاظ نقلة. ... فقهاء مجتهدون.


(١) الوابل الصيب (٥٥، ٥٦).

<<  <   >  >>