للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهبوا إلى شرط العالم أن يكون ممن لازم أهل العلم، وتربى على أيديهم، وعُرف باقتدائِه بهم، وتأدبِه بأدبِهم.

قال الإمام الشاطبي في صفة العالمِ المتحققِ بالعلمِ: أن يكون ممَّن رباه الشيوخ في ذلك العلم (١)؛ لأخذه عنهم، وملازمته ... لهم، فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا كان شأن السلف الصالح، فأول ذلك ملازمة الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخذهم بأقواله وأفعاله، واعتمادهم على ما يرد منه، كائنا ما كان، وعلى أي وجه صدر.

فهم فهموا مغزى ما أراد به أولاً، حتى علموا وتيقنوا أنه الحق الذي لا يُعارض، والحكمة التي لا ينكسر قانونها، ولا يحوم النقص حول حمى كمالها، وإنما ذلك بكثرة الملازمة، وشدة المثابرة.

وتأمل قصة عمر بن الخطاب في صلح الحديبية حيث قال: يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟

قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار.

قال: بلى. قال: ففيم نعطى الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟

قال: يا ابن الخطاب إني رسول الله، ولم يضيعني الله أبدا.

فانطلق عمر، ولم يصبر متغيظا، فأتى أبا بكر فقال له مثل ذلك.


(١) وإنِّي لأقف مليًا أمام عبارة الشاطبي " ربَّاه الشيوخ " وأتأسف على حال شباب الصحوة، فيا عبد الله اتقِ الله وخذ العلم كما أخذه السلف، وإلا فهيهات أنْ تجني لبذرك ثمرة حقيقية.

<<  <   >  >>