للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صلى الله عليه وسلم:" من طلب العلم ليباهي به العلماء، ويمارى به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار " (١).

فهذا الحديث الخطير قاضٍ بأنَّ على طالب العلم أن يصحح نيته في طلبه، فلا يكون إلا لله وحده، يبتغى عنده الرضوان، ويرجو لديه الثواب، لا ليرتفع به في أعين الناس، ويعلو به فوق أعناقهم، ويركب به أكتافهم، ولكن:

كيف يصحح طالب العلم نيته؟ أو بمعنى آخر ماذا ينوي؟

قال ابن جماعة: حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى والعمل به، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم القيامة، والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه، وعظيم فضله. ... قال سفيان الثوري: ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيتي. ... ولا يقصد به الأغراض الدنيوية؛ من تحصيل الرياسة والجاه والمال، ومباهاة الأقران، وتعظيم الناس له، وتصديره في المجالس ونحو ذلك، فيستبدل الأدنى بالذي هو خير.

قال أبو يوسف رحمه الله: يا قوم أريدوا بعملكم الله تعالى، فإني لم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم، ولم أجلس مجلساً قط أنوي ... فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح.


(١) أخرجه ابن ماجة (٢٥٣) في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (٦١٥٨).

<<  <   >  >>