للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراحة، حتى قال بعض الفقهاء: بقيت سنين أشتهي الهريسة ولا أقدر، لأنَّ وقت بيعها وقت سماع الدرس ... ".أهـ

ولذلك قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: " وأما سعادة العلم فلا يورثك إياها إلا بذل الوسع، وصدق الطلب، وصحة النية " (١)

فالمكارم منوطة بالمكاره، والسعادة لا يعبر إليها إلا على جسر المشقة، ولا تقطع مسافتها إلا في سفينة الجد والاجتهاد.

قال مسلم في صحيحه: قال يحيى بن كثير: " لا ينال العلم براحة الجسم ".

وقد قيل: من طلب الراحة ترك الراحة.

يقول الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ: " حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار منه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراكه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه ".

أيها المتفقه ..

اعلم أنَّ علوم الإسلام العظيمة لم تُدَوَّن على ضفاف الأنهار، وتحت ظلال الأشجار والأثمار، وإنما دونت باللحم والدم، وظمأ الهواجر، وسهر الليالي على السراج الذي لا يكاد يضيء نفسه، وفي ظل العرى والجوع وبيع الثياب، وانقطاع النفقة في بلد الاغتراب، والرحلة المتواصلة الملاحقة، والمشاق الناصبة


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ١٠٨) ط دار الكتب العلمية.

<<  <   >  >>