للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل للإمام أحمد: رجلٌ يطلب العلم يلزم رجلاً عنده علم كثير أو يرحل؟

قال: يرحلُ، يكتب عن علماء الأمصار، فيشامُّ النَّاس، ويتعلم منهم.

وقيل له مرةً: أيرحلُ الرجل في طلب العلم؟

فقال: بلى والله شديدًا، لقد كان علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ـ وهما من أهل الكوفة بالعراق ـ يبلغهما الحديث عن عمر فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه ـ إلى المدينة المنورة ـ فيسمعانه منه "

قال ابن خلدون في المقدمة: " إنَّ الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة: مزيد كمال في التعليم، والسبب في ذلك أنَّ البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما يتحلون به من المذاهب والفضائل، تارة: علمًا وتعليمًا ولقاءً. وتارةً: محاكاة وتلقينًا بالمباشرة. إلا أنَّ حصول الملكات عن المباشرة والتلقين، أشدُّ استحكامًا وأقوى رسوخًا، فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها ـ وتفتحها ـ

والاصطلاحات أيضًا في تعليم العلوم مخلِّطة على المتعلم، حتى لقد يظنُّ كثير منهم أنَّها جزء من العلم، ولا يدفع عنه ذلك إلا مباشرته لاختلاف الطرق فيها من المعلمين.

فلقاء أهل العلوم، وتعدد المشايخ: يُفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها، فيُجرِّد العلم عنها، ويعلم أنَّها أنحاء تعليم وطرق توصيل، وتنهض قواه إلى الرسوخ والاستحكام في الملكات، ويصحح معارفه ويميزها عن سواها، مع تقوية ملكته بالمباشرة

<<  <   >  >>