للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: المراد بالسكينة هنا: الرحمة، وهو ضعيف؛ لعطف الرحمة عليه، وقيل: الطمأنينة والوقار، وهو أحسن، وفي هذا دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ؛ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ" معناه: من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال فينبغي ألا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء، ويقصر في العمل" (١).

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: "أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ" (٢). قال


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، حديث رقم (٢٦٩٩).
(٢) رواه مسلم (٨٠٣). ومعنى: (يغدو) أي: يذهب في الغدوة، وهي أول النهار، و (بطحان): بضم الباء وإسكان الطاء: موضع بقرب المدينة. (أو العقيق) قيل: أراد العقيق الأصغر وهو على ثلاثة أميال أو ميلين من المدينة، وخصهما بالذكر لأنهما أقرب المواضع التي يقام فيها أسواق الإبل إلى المدينة. (كوماوين) تثنية كوماء قُلبت الهمزة واوًا، وأصل الكوم: العلو. أي: فيحصل ناقتين عظيمتي السنام، وهي من خيار مال العرب (زهراوين) أي: سمينتين مائلتين إلى البياض من كثرة السمن (بغير إثم) كسرقة وغصب سمى موجب الإثم إثما مجازا (ولا قطع رحم) أي: بغير ما يوجبه، وهو تخصيص بعد تعميم= عون المعبود (١٤٥٦).

<<  <   >  >>