حطمت معركة نينوى القوى الميدانية للجيش الفارسي، ولم يعد لفارس ما كان لها من أهمية سياسية، وعسكرية في الوقت الذي كانت فيه تعاني من الإفراط في الثقة بالنفس جعلها تقف عاجزة أمام زحف المسلمين، كما أن الحملات الإسلامية التي جاءت بسرعة في أعقاب انتصار هرقل لم تسمح باستعادة التوازن الإمبراطوري، وقد أدى توالي الأزمات الداخلية، والخارجية السريعة إلى عدم الاستقرار، والتناقضات والتقلب، وهي الأمور التي فرضت على هرقل أن يظل في حالة مضطربة، صحيح أن هرقل حافظ على وحدة الإمبراطورية البيزنطية، وحال دون تفككها، إلا أنه لم يذلل الصعاب الاقتصادية التي تفاقمت من جزاء ست سنوات من الحملات العسكرية التي أدت إلى الإفلاس، ولم يتخلص من المصاعب الدينية التي أذكاها الاحتلال الفارسي.
ولا شك بأن هذه الحروب بين فارس، وبيزنطية أنهكت الدولتين، واستنفدت طاقتهما دون أن تحقق لأحدهما ما كانت تهدف إليه من زعامة في الشرق الأدنى.