للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثامن: استكمال فتوح بلاد الشام-فتوح الجزيرة وأرمينية والباب]

[مدخل]

...

الفصل الثامن: استكمال فتوح بلاد الشام -فتوح الجزيرة، وأرمينية والباب:

عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش في بلاد الشام:

تتباين روايات المصادر حول سبب عزل عمر بن الخطاب خالدًا بن الوليد عن إمارة جيوش المسلمين في بلاد الشام، والواقع أن موضوعًا كهذا لا يجب أن يكون مثيرًا للجدل؛ لأن المسألة تتعلق بحدث منفرد لا يمس على نحو مباشر سوى ثلاث شخصيات، عمر وخالد وأبي عبيدة، ويبدو أن إثارة الجدل تكمن في فشل المؤرخين في التوفيق بين الأقوال المتباينة التي اصطنعوها هم أنفسهم خلال سردهم للأحداث١، ويمكن إجمال دوافع العزل كما جاءت في المصادر في ثلاثة:

الدافع الأول: ضغينة قديمة من جانب عمر تجاه خالد: إن كثيرًا من المؤرخين يقتصرون على إيماءات ملتبسة كثيرة تبلغ ذروتها في قول عمر: أنه لو صارت إليه الخلافة لعزل خالد

لا محالة، فإلى جانب ما تقدمه المصادر من قضية مالك بن نويرة، تبرز تأويلات خالد في أيام خلافة أبي بكر التي عدها عمر أخطاء، بالإضافة إلى كلام صدر عن خالد بحق عمر، أنه ألحق أذى جسديًا بعمر أيام صباه، وأنه أبقى عليه عن إرادة، وقصد في معركة أحد، ورما كان هذا يمثل الخلفية المتعلقة بمطلب عمر بأن يكذب خالد نفسه٢، فقد روى الطبري عن ابن إسحاق: "إنما نزع عمر خالدًا في كلام كان خالد قد تكلم به -فيما يزعمون- ولم يزل عليه ساخطًا، ولأمره كارهًا في زمان أبي بكر كله لوقعته بابن نويرة، وما كان يعمل به في حربه، فلما استخلف عمر كان أول ما تكلم به عزله، فقال: لا يلي لي عملًا أبدًا، وكتب عمر إلى أبي عبيدة يقول: إن خالد أكذب نفسه، فهو أمير على ما هو عليه، وإن هو لم يكذب نفسه، فأنت الأمير على ما هو عليه"٣.


١ كلير: ص٢٩٤.
٢ المرجع نفسه: ص٣٠٩.
٣ الطبري: ج٣ ص٤٣٦، ٤٣٧.

<<  <   >  >>