للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: حروب الردة]

[مدخل]

...

[الفصل الثالث: حروب الردة]

تمهيد: واجه أبو بكر، في بداية حياته السياسية كخليفة، ردة العرب وانتقاضهم على الإسلام كدين، وعلي حكم المدينة كقوة سياسية، ووردت إليه الأخبار من كافة أرجاء الجزيرة العربية بارتداد بني أسد بقيادة طليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة، وبني فزارة بقيادة عيينة بن حصن، وبني عامر وغطفان بقيادة قرة بن سلمة القشيري، وبني سليم بقيادة الأشعث بن قيس الكندي، وبني بكر بن وائل في البحرين بقيادة الحكم بن زيد، وبني حنيفة بقيادة مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، وحافظت قريش وثقيف، وأهل المدينة على ولائهم.

قرر أبو بكر التصدي لهذه الحركات الارتدادية بالقوة والحزم، وبخاصة بعد ورود أنباء عن تحفز القبائل لشن هجوم واسع على المدينة، وتدمير القاعدة المركزية للدين الإسلامي.

وبغض النظر عن الأحكام الفقهية التي ترعى شئون المرتدين؛ لأن المسألة هنا تختص بالناحية التاريخية، وربما كان الحديث النبوي: "من بدل دينه فاقتلوه" ١؛ مبررًا لاتخاذ هذا القرار، بالإضافة إلى ذلك، كان لأبي بكر موقف من الذين امتنعوا عن دفع الزكاة، وفرقوا بينها وبين الصلاة: "لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة"٢.

والواضح أن أبا بكر أدرك أن الزكاة هي التجسيد الملموس، وربما التجسيد المادي الوحيد، لوحدة القبائل، وهي العلاقة الوحيدة التي يمكن لها أن تربط فيما بينهم، فكل قبيلة كان يمكن لها أن تصلي وراء إمامها، ويقتصر الحال على هذا، في حين تتطلب الزكاة نوعًا من العلاقة المتبادلة، والتنظيم المركزي لجمعها وصرفها، من هنا أصر أبو بكر على ضرورة استمرار القبائل في دفع الزكاة٣.


١ العسقلاني: ج١٥ ص٢٩٦، ٢٩٧.
٢ المصدر نفسه: ص٣٠٢- ٣٠٩.
٣ إبراهيم: ص١٣٠.

<<  <   >  >>