للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتح بيت المقدس ١:

تمهيد:

لا شك بأن استسلام بيت المقدس -إيلياء- للمسلمين له علاقة بالمدى الذي وصلت إليه التطورات السياسية، والعسكرية والاجتماعية في بلاد الشام آنذاك في ظل الصراع الفارسي -البيزنطي- الإسلامي، وعلى ضوء نجاح المسلمين في السيطرة على معظم المنطقة، والجدير بالذكر في صراع القوة الثلاثي هذا، أن البيزنطيين كانوا الطرف الأضعف، على الأقل في نظر المسلمين، والمعروف أن هؤلاء لم يهاجموا بيت المقدس في بادئ الأمر، ففي حروب الصحراء يسعى البدو عادة إلى مهاجمة الحواضر التجارية التي يترددون عليها، للسيطرة عليها أولًا٢.

ومهما يكن من أمر، فقد عرف العرب بيت المقدس منذ العصر الجاهلي، وقرن الإسلام نفسه، عند ظهوره، بها، إذ إن حرمتها وأهميتها البالغة عند المسلمين، أمر لا


١ إن أقدم اسم للقدس هو أورشاليم الذي ينسبها إلى إله السلام الكنعاني شاليم، وقد وردت باسم روشاليموم في الكتابات المصرية، ووردت في التوراة تحت أسماء عديدة، مثل أوشليم وشاليم، ومدينة الله ومدينة القدس، ومدينة العدل، ومدينة السلام ومدينة البر، كما يذكرها التوراة أحيانًا باسم بيوس أو مدينة اليوبسيين نسبة إلى اليبوسيين سكان القدس الأصليين، وفي عام ١٣٥م أخمد الإمبراطور الروماني هدريان ثورة اليهود ضد الوجود الروماني، وخرب المدينة وأسس مكانها مستعمرة رومانية، وأطلق عليها اسم إيليا كابيتولينا، وإيليا هو اسم هادريان، وحرم على اليهود دخولها، وعندما اعترف الإمبراطور قسطنطين الأول بالديانة النصرانية في عام ٣٢٣م أعاد إلى المدينة اسم أورشليم. ويبدو أن تسمية إيليا ظلت متداولة بين الناس بدليل أنها وردت في عهد الأمان الذي أعطاه عمر بن الخطاب إلى السكان، بعد الفتح، وأسماهم أهل إيلياء، وعرفت المدينة منذ العهد الإسلامي ببيت المقدس، والمعروف أن الاسم المستعمل في العصر الحديث هو القدس لدى المسلمين، وأورشليم أو جيروزاليم لدى الغربيين واليهود، انظر للمراجعة: الكتاب المقدس، العهد القديم: تكون ١٤: ١٨، قضاة ١٩: ١٠ و١١، إشعيا ١: ٢٦، ٢٩: ١، ٤٨: ٢ مزامير ٧٦: ٢.
خوند، مسعود: الموسوعة التاريخية الجغرافية ج٤ ص١٦٦.
٢ دانيال، ساهاس: البطريك صفر ونيوس، والخليفة عمر بن الخطاب، وفتح المقدس، ص٥٦، ٥٧، ٥٩، مقال في كتاب الصراع الإسلامي -الفرنجي على فلسطين في القرون الوسطى.

<<  <   >  >>