ظل علي يأمل في استقطاب معاوية، وتجنيب المسلمين مزيدًا من إراقة الدماء، وقدم نفسه منذ البداية على أنه طالب حق، فأرسل إليه رسولًا من الكوفة في شهر "رجب ٣٦هـ/ كانون الثاني ٦٥٧م"، هو جرير بن عبد الله البجلي، ومن فاتحي العراق الأوائل ورئيس قبيلة بجيلة، وأحد الأشراف الذين تعاون عثمان معهم، وأحد زعماء القبائل الذين تجنبوا الاشتراك في وقعة الجمل، واقتصرت مهمته على حمل معاوية على البيعة، ودعوته إلى الطاعة والجماعة١.
ويبدو أن معاوية كان يواجه آنذاك موقفًا حرجًا، فهو لم يكن مطمئنًا على الوضع في مصر، ويرغب في تجييدها أو الاستيلاء عليها، كما أنه كان يتعرض لضغط بيزنطي متزايد، ولا بد له من تهيئة أهل الشام وتعبئتهم إلى جانبه، كما كان يراقب
١ ابن مزاحم، نصر: كتاب وقعة صفين ص٢٧، ٢٨، ابن قتيبة: ج١ ص٧٩، ٨٠، الطبري: ج٤ ص٥٦١.