بذل الطرفان جهودًا حثيثة لتجنب الصدام، مع أنهما كانا قد استعدا لمواجهة عسكرية محتملة، والواقع أن جهود السلم والحرب سارت بخطين متوازيين، مع أن أيا من الطرفين لم يتحدث عن الحرب، بل عن الإصلاح على الرغم من اختلاف وجهات النظر بشأن الأسلوب الذي يؤدي إلى ذلك، فمن وجهة نظر علي، يقتصر الإصلاح، على إعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة بناء وحدة المسلمين، والتوقف عن تلك المطاردة، والاعتراف بشرعية خلافته، وقد لا يتردد عن ضرب خصومه إذا اعتقد أنهم على ضلالة، في حين كان الإصلاح في نظر عائشة، وحليفيها يمر من خلال تنفيذ العقاب بقتلة عثمان إحياء لشرع الله، ويبدو أنه لم يكن من الوارد أن توافق عائشة على بيعة علي، ولا أن يوافق علي على تسليم القتلة الموجودين في جيشه، وهكذا فإن الطريقة التي طرحت فيها قضية الخلاف كانت عائقًا دون الوصول إلى سلام بين الجانبين، ومع ذلك فقد جرت مفاوضات بينهما بواسطة القعقاع بن عمرو التميمي الذي أرسله علي بمهمة سلمية إلى البصرة١، وقد أبدى كل من طلحة، والزبير ليونة إزاء مهمة القعقاع، والواقع أن جوًا من الترقب والحذر، وأن خشية أمام أول مواجهة عسكرية بين الإخوة، كانا سائدين، إذ لم يكن أي من الجانبين مسرورًا