للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الرابع عشر: أوضاع المسلمين العامة في ظل خلافة علي بن أبي طالب

الصراع بين علي، ومعاوية، والخوارج

الصراع على مصر:

تجلى الصراع بين علي ومعاوية بأوضح مظاهره في مصر أولًا، ورأى معاوية أن الصراع الحاسم بينه، وبين علي سوف يدور في هذا البلد، وأن تحييده أو غزوه، والسيطرة عليه من شأنه أنه يقوي وضعه على الجبهة العراقية -الشامية، وفي المقابل كان علي منهمكًا في حشد العراقيين حوله، ولم تكن مصر من أولى اهتماماته، فهي بعيدة جدًا عن قواعده، ولم يدرك أهمية الرهان عليها، على الأقل في حينه، إلا أنه دفع دفعًا إلى الدخول في صراع عليها، وقد حرصت المصادر على إظهاره بأنه شخصية سياسية محدودة الخبرة، إلى المناورة السياسية، والدهاء والحيلة، إلا أنها تؤكد على خبرته القتالية والعسكرية.

وهناك حرص شديد، في المقابل، من المصادر نفسها على وصف معاوية بالشخصية السياسية الكثيرة الخبرة، والشديدة الدهاء والمكر، وأنه رجل دنيا لا دين، يتجاهل المبادئ والتعاليم الإسلامية في سبيل الحفاظ على مصالحه الخاصة، والمتمثلة بالحفاظ على السلطة والمال.

والواقع أن هذه الإشارات التي تبالغ كثيرًا، قد وضعت لاحقًا بتأثيرات أموية أو عباسية، فقد كان علي سياسيًا أكثر مما تصفه به المصادر، وكان معاوية استراتيجيًا أقل كياسة، وأقل مكرًا مما جرت العادة على وصفه١.

ومهما يكن من أمر، فالمعروف أن مصر بقيادة الوالي محمد بن أبي حذيفة الأموي، كانت مركزًا للثائرين على عثمان، وكان معاوية يواجه حصارًا حقيقيًا في


١ جعيط: ص١٨٦، ملحم: ص٢٤٨.

<<  <   >  >>