للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفارسية والعربية الموالية للفرس، وبذلك ثقف جيوش المسلمين على حدود لا تبعد أكثر من خمسين كيلو مترًا مخن المدائن، وهي الهدف الأسمى.

يتطلب تنفيذ هذه الخطة إرسال جيشين، يقوم أحدهما بعبور شبكة الأنهار إلى المدائن، ويكون الآخر عونًا له، وحاميًا لمؤخرته، على أن يدخلا المنطقة من ناحيتين مختلفتين، ويلتقيان في الحيرة، فكتب إلى خالد بن الوليد، وكان آنذاك في اليمامة، يأمره بالتوجه إلى العراق لمحاربة الفرس على أن يبدأ بالأبلة، كما كتب إلى عياض ابن غنم، وكان بالفراض١ يأمره بغزو العراق من أعلاه على أن يبدأ بالمصيخ، حتى يلقى خالدًا على أن تكون القيادة لمن يصل إلى الحيرة أولًا، وأمرهما بأن لا يكرها أحدًا على المضي معهما٢، وبهذه الخطة العسكرية الذكية يكون أبو بكر قد حصر القوات الفارسية الموجودة في العراق بين فكي الكماشة بحيث تواجه أحد الجيشين، وهي مهددة من خلفها بالجيش الآخر، مما يسبب لها الارتباك.

انطلق القائدان، كل في الطريق المحدد له، ونفذ خطة الخليفة بتفاصيلها، ولكن قواتهما تناقصت نتيجة عدم رغبة بعض الجنود بقتال الفرس، فكتبا إلى الخليفة يطلبان مددًا، فأمد خالدًا بالقعقاع بن عمرو التميمي، وعياضًا بعبد بن عوف الحميري، وأوصاهمتا باستنفار من قاتل المرتدين، ونهاهما عن الاستعانة بمرتد، كما استنصرهما بالمثنى٣.

نزل خالد في النباج وكتب إلى المثنى، وكان بـ"خفان"٤، أن ينضم إليه مع قواته البالغ عديدها ثمانية آلاف مقاتل فأثمر بأمره، كما كتب إلى أمراء الجند المنتشرين في المنطقة بأن ينضموا إليه، ففعلوا، وكانت تحت إمرتهم ثمانية آلاف مقاتل أيضًا، فبلغ عديد جيشه عندما دخل إلى العراق ثمانية عشر ألف مقاتل٥.

معركة ذات السلاسل:

سار خالد إلى الأبلة في شهر "محرم ١٢هـ/ أواخر آذار

٦٣٣م"، وعندما اقترب من مشارفها كتب إلى حاكمها هرمز يدعوه إلى إحدى الخصال الثلاث: الإسلام أو


١ الفراض: موضع بين البصرة، واليمامة قرب فليج من ديار بكر بن وائل. الحموي: ج٤ ص٢٤٣.
٢ الطبري: ج٣ ص٣٤٤-٣٤٧، ابن أعثم، أبو محمد أحمد: الفتوح ج١ ص٧٣-٧٦.
٣ الطبري: ج٣ ص٣٤٦، ٣٤٧.
٤ خفان: موضع قرب الكوفة، الحموي: ج٢ ص٣٧٩.
٥ الطبري: ج٣ ص٣٤٧.

<<  <   >  >>