للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخبرنا البلاذري أن أبا بكر سارع فور انتهائه من قمع قبائل الردة بتعبئة قبائل نجد، والحجاز، واليمن لغزو بلاد الشام، وسعى لتشجيعها بالغنائم العظيمة، "فسارع الناس إليه بين محتسب وطامع"١، وهذا يعني أن بعض القبائل كانت تدفعهم غريزة العزو والغنيمة، وفق تقاليد الغزو المعروفة في المجتمع العربي، وأن أبا بكر لجأ إلى هذه الوسيلة التشجيعية بعد أن لمس ضعف الاستجابة العربية لمشروعه، مما يدل على أن بعض العرب كان الإسلام لا يزال ضعيفًا في قلوبهم، كما أن منع أبي بكر، المرتدين من المشاركة في حرب الفتوح، وهم أكثر العرب، قد أثر على ذلك.

ومهما يكن من أمر، فإن حركة الفتوح الإسلامية لبلاد الشام، نوقشت بين أهل الحل والعقد، ثم عرضت على عامة المسلمين، ووضعت الخطوط العريضة لها أثناء انعقاد اجتماع كبار الصحابة.

جيوش الفتوح:

بعد أن استكملت التجهيزات وتمت الاستعدادات، عين أبو بكر قادة الجيوش التي قرر أن يرسلها إلى بلاد الشام، وهي على الشكل التالي:

الجيش الأول:

عقد أبو بكر قيادة هذا الجيش إلى خالد بن سعيد بن العاص الأموي، وحدد له دمشق كهدف، ويتراوح عديده بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل، وقد أبدى عمر بن الخطاب تحفظًا على قيادة خالد، لموقف اتخذه من بيعة أبي بكر٢، فأعفاه الخليفة بعد أن اقتنع برأي عمر، واسترد منه اللواء، وعين مكانه يزيد بن أبي سفيان، وهو أموي أيضًا٣، وربما أراد أبو بكر من ذلك، حظ التوازن في توزيع المسؤوليات بين الأسر القرشية، إنما حفظ لخالد مكانته، وعينه قائدًا لقوات احتياطية تتمركز في تيماء، ويكون تابعًا لأبي عبيدة، وذلك قبل أن ينطلق هذا الأخير إلى بلاد الشام٤، وأردف أبو بكر ربيعة بن الأسود بن عامر مددًا ليزيد، فأضحى عدد قواته سبعة آلاف مقاتل، وحدد لقائده طريق زحفه وهو: وادي القرى -تبوك- الجابية٥- دمشق، وزوده


١ فتوح البلدان: ص١١٥.
٢ انظر موقف خالد بن سعيد بن العاص من بيعة أبي بكر عند الطبري: ج٣ ص٣٨٧، ٣٨٨.
٣ المصدر نفسه: ص٣٨٧.
٤ المصدر نفسه: ص٣٨٨.
٥ الجابية: قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران، الحموي: ج٢ ص٩١.

<<  <   >  >>