للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشق بطونها، ويأخذ ما فيها من الماء فيروي الخيل منه، ويطعم أفراد الجيش من لحومها، ويرتوي هؤلاء مما حملوا من الماء على ظهور الإبل، ثم يتابع سيره إلى أن أشرفت المفازة على نهايتها، وأشرفت الإبل على النفاذ، كما نفذ الماء المحمول على ظهورها، وأحضى الجيش عرضة للهلاك عطشًا، وكان فجر اليوم الخامس حين بلغ الجيش موقع سوى، فخشي خالد أن يهلك أفراده عطشًا، فنادى رافعًا، وسأله عن الماء فطمأنه قائلًا: "خير، أدركتم الري، وأنتم على الماء"، ودلهم على بئر ماء مطمور، فحفروا ونبع الماء، فشرب الجند والإبل والخيل١، واستراح أفراد الجيش برهة في سوى، ثم تابعوا سيرهم حتى وصلوا إلى تدمر، وصالح أهل مصيخ بهراء وأرك، خالدًا بعد أن اصطدم بهم٢.

تجنب خالد حين حاذى إقليم الجزيرة الفراتية أن يصطدم بالبيزنطيين الذين كانوا يحتلونه، واجتهد، حين أشرف على بلاد الاشم، وأراد أن يتوغل فيها؛ ألا يترك خلفه مواقع قائمة للبيزنطيين، أو لحلفائهم من العرب، فإن الشام غير الجزيرة.

فتح تدمر:

كانت تدمر من المراكز العسكرية المحصنة، فحاصرها المسلمون من كل جانب، وقد تحصن بها أهلها، فهددهم خالد، وقد أصر على فتحها، ويبدو أنهم أدركوا حرج موقفهم في ظل غياب الدعم البيزنطي، فمالوا إلى طلب الصلح، وفتحوا أبواب مدينتهم للمسلمين٣.

فتح القريتين ٤ وحوارين ٥:

واصل المسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى القريتين، فاعترضهم أهلها، وجرى اشتباك بين الطرفين أسفر عن انتصار المسلمين، ثم مروا بحوارين، فتحصن أهلها وراء أسوارهم، وطلبوا مساعدة عاجلة من المدن والقرى المجاورة، فجاءهم جيشان الأول من بعلبك، والثاني من بصرى، يبلغ عديدهما أكثر من أربعة آلاف مقاتل، لكن المسلمين اصطدموا بهما قبل أن

يصلا وشتتوهما، واضطر أهالي حوارين إلى قبول الصلح٦.


١ البلاذري: ص١١٨، الطبري: ج٣ ص٤٠٩، ٤١٠، ابن عساكر: ج٢ ص٨٧، ٨٨.
٢ الأزدي: ص٧٦، البلاذري: المصدر نفسه ص١١٩.
٣ المصدران نفساهما، ص٧٧، ص١١٩.
٤ القريتين: قرية كبيرة من أعمال حمص في طريق البرية، وأهلها كلهم نصارى، الحموي: ج٤ ص٣٣٦.
٥ حوارين: من قرى حلب، المصدر نفسه: ج٢ ص٣١٥.
٦ الأزدي: ص٧٨، ٧٩، البلاذري: ص١١٩.

<<  <   >  >>