للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعر أهل القرى في السواد بعجزهم عن مواجهة غارات المسلمين، والحد منها وبخاصة أن القوات الفارسية قد انسحبت من المنطقة، فاضطروا إلى مهادنتهم على أن يؤدوا لهم الجزية، ويدخلوا في ذمتهم١.

معركة باقسياثا ٢:

عسكر الجالينوس في باقسياثا، وتقوى بمن انضم إليه من فلول جابان، فاصطدم به أبو عبيد في "١٧ شعبان ١٣هـ/ ١٦ تشرين الأول ٦٣٤

م" وهزمه، وفر القائد الفارسي من أرض المعركة، وعاد إلى المدائن٣، وانتشر المسلمون في قرى السواد، وغلبوا على تلك البلاد.

معركة الجسر ٤:

أثار الانتشار الواسع للمسلمين في قرى السواد حفيظة الفرس الذين بدأوا يستوعبون مقدار الخطر الحقيقي الذي يهددهم، فجهزوا جيشًا آخر قوامه اثنا عشر ألف مقاتل، وأرسلوه إلى الحيرة، بقيادة بهمن جاذوبه وهو أشد العجم على العرب المسلمين، ورافقه الجالينوس، واصطحب معه راية فارس الشهيرة "درفش جاويان"٥ لتحفيز الهمم، وعددًا من الفيلة.

ويبدو أن رستم أراد أن يكسب معركة أمام المسلمين تعيد إلى دولته موازنة الموقف، ولحكومته هيبتها، ولجيوشه روحها المعنوية، وثقتها بنفسها.

رأى أبو عبيد، عندما علم بالاستعدادات الفارسية الضخمة؛ أن يتمهل ويتحصن


١ الطبري: ج٣ ص٤٥١، ٤٥٢.
٢ باقسياثا: ناحية بأرض السواد من عمل باروسما، الحموي: ج١ ص٣٢٧.
٣ الطبري: ج٣ ص٤٥٢، ٤٥٣.
٤ تعرف أيضًا بالمروحة والقرقس، والقس وقس الناطف، واسم المروحة هو أكثر الأسماء مناسبًا لشكل هذه المعركة وواقعها الميداني، لكنها اشتهرت باسم الجسر، الطبري: ج٣ ص٤٥٤.
٥ درفش جاويان: راية مصنوعة من الجلد كانت للحداد جاوة، يغطي بها قدمه عند تطريق الحديدة المحماة، وعندما نشبت الثورة ضد الملك الضحاك بقيادة أفريدون، وهو شاب من أمراء البيت المالك القديم، انضم جاوة إلى المتظاهرين، ورفع الجلد الذي يأتزر به، على عصا، فأضحت شبه علم، واجتمع تحتها خلق كثير، ونادوا بشعار أفريدون الذي انتصر في هذه المعركة، ومنذ ذلك الوقت أضحى هذا الجلد علمًا لملوك إيران، وسمي باسم الحداد درفش جاويان، أي علم جاوة، ثم توارث ملوك الفرس هذه الراية وتيمنوا بها، فرصعوها باللآلئ واليواقيت، وعلقوا عليها علائق الديباج، والحرير حتى أضحت آية من ملوك الفرس، وعدوها فاتحة النصر، انظر الفردوسي، الشاهنامة ج٢ ص٣٤.

<<  <   >  >>