للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب سجالًا بعد أن كانت سلسلة متصلة الحلقات من الانتصارات المتعاقبة١.

- غلب على معارك المسلمين الثلاث، قبل قدوم أبي عبيد، الطابع التقليدي، وهو الإغارة على القرى، ولم يكن المسلمون مهيئين لصدام جبهوي واسع مع جيش فارسي بغياب قيادة كقيادة خالد بن الوليد.

- أضحى استمرار التقدم مستحيلًا بعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر دون إدخال إمدادات جديدة إلى المعركة، إذ إن الآلاف الثلاثة من المقاتلين الذين نجوا من المعركة، واستمروا بالتواجد على أرض العراق، شكلوا أصغر قوة إسلامية منذ بدء الفتح، فضلًا عن إثخانهم بالجراح.

رد فعل عمر:

تلقى عمر نبأ هزيمة المسلمين في معركة الجسر بسكون لافت، إلا أنه تأثر ضمنيًا بشكل بالغ، وشق ذلك أيضًا على المسلمين في المدينة، ثم بدأت فلول الجند من المهاجرين، والأنصار تصل إلى المدينة جزعين بما أصابهم، ورأى عمر فيهم ذلك، فنعى الشهداء وراح يواسي الناس٢، إلا أنه كان قلقًا على موقف المسملين في العراق، وأدرك أن المثنى بحاجة إلى مدد يرسل إليه على وجه السرعة كي يواجه هذا الموقف الدقيق، فقام بتكثيف حملاته التعبوية بين قبائل الردة، وأرسل رسله إليها يدعوها للسير نحو فارس لغزوها، فاستجابت لندائه، وبدأت الحشود تتوافد على المدينة، من كافة أنحاء الجزيرة العربية، على رأسها قبيلة بجيلة بزعامة جرير بن عبد الله البجلي كما أشرنا، وحشود أخرى من بني ضبة وكنانة والأزد، وبعض تميم من الرباب، وبكر بن هوازن، وخثعم وحنظلة، وكان على عمر أن يتفاوض بحدة، وشدة مع هذه القبائل لإقناعها بضرورة الذهاب إلى العراق لقتال الفرس؛ لأن معظمها كان يبغي الالتحاق بجيوش المسلمين في بلاد الشام٣.

وهكذا دفع عمر بحشود ضخمة إلى أرض العراق مددًا للمثنى، ومن ناحية أخرى أرسل المثنى النقباء إلى جميع المناطق الحدودية يستنفر العرب، وكان من ضمنهم جموع من نصارى النمر عليهم أنس بن هلال النمري، وجموع من بني تغلب، وقبائل عربية أخرى مقيمة بالعراق، وقد آثروا الانضمام إلى إخوانهم العرب، والقتال في صفوفهم ضد العجم، وقد جمعتهم رابطة الجنس٤.


١ كمال: ص٤١٣-٤١٦.
٢ الطبري: ج٣ ص٤٥٩.
٣ المصدر نفسه: ص٤٦٠، ٤٦٢-٤٦٤.
٤ المصدر نفسه: ص٤٦٤.

<<  <   >  >>