للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه مثل ما على أهل أيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم؛ وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذين عليهم من الجزية، يشهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة خمس عشرة"١.

الواضح أن نص الطبري يتوافق مع نصوص روايات الفئة الأولى في إعطاء أهل بيت المقدس الأمان لأنفسهم، وأموالهم وكنائسهم، إلا أنه يزيد المعنى إيضاحًا وتفصيلًا بعبارات، وقيود جديدة لم ترد في النصوص السابقة، ويمكن رصد القيود الجديدة التالية:

١- اشتراط أهل بيت المقدس على عمر ألا يسكن معهم في القدس أحد من اليهود.

٢- تنظيم إقامة الموجودين في بيت المقدس، أو خروجهم منها، وقد تمثل هذا في:

أ- اشتراط المسلمين على أهل بيت المقدس الأصليين أن يخرجوا منها الروم واللصوص.

ب- منح أهل بيت المقدس حرية البقاء فيها، أو الخروج منها مع الروم.

ج- منح بقية الموجودين في بيت المقدس من سائر الأجناس حرية البقاء فيها بحيث يطبق عليهم ما يطبق على غيرهم من شروط الصلح، أو الخروج منها.

٣- جاء نص الصلح عند الطبري مؤرخًا بسنة خمس عشرة٢.

إن قراءة متأنية لهذه الزيادات، والقيود تطلعنا على المعلومات التالية:

- إن اشتراط أهل بيت المقدس ألا يسكن معهم بها أحد من اليهود لم يتأيد بروايات أخرى، ويبدو أنه مناف للواقع، إذ لم يؤثر عن عمر بن الخطاب أنه أخرج اليهود من بيت المقدس، أو منعهم من السكن فيها، وأن الإشارة الواضحة إلى إقصاء اليهود عنها في الاتفاق تدل على أن النصارى أرادوا أن تظل بيت المقدس مدينة نصرانية، وتذكر معظم المصادر أن أهالي بيت المقدس، والمفهوم أنهم نصارى لعدم وجود حضور يهودي فاعل آنذاك في بيت المقدس، قد عقدوا اتفاقًا مع المسلمين.


١ تاريخ الرسل والملوك: ج٣ ص٦٠٩.
٢ القضاة، زكريا: معاهدة فتح بيت المقدس -العهدة العمرية- مقال في كتاب بلاد الشام في صدر الإسلام، المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام، ص٢٧٥، ٢٧٦.

<<  <   >  >>