للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقيقي للهيكل الذي كان النصارى قد طمسوه عن قصد، فأمر بإزارة ما عليه، واقترح كعب الأخبار، وكان يهوديًا فأسلم، على عمر أن يصلي خلف الصخرة المقدسة، حتى يكون بوضعه هذا مستقبلًا القبلتين، فرفض عمر ما أشار عليه حتى يتجه المسلمون في صلاتهم نحو الكعبة فقط؛ لأنها قبلة المسلمين في كتاب الله، ولعل إبراز دور اليهود هنا جرى من واقع محاولاتهم التدخل في روايات التاريخ الإسلامي بعامة، وروايات فتوح بلاد الشام بخاصة، وإعادة إحياء معالمهم الدينية في بيت المقدس بعد أن طمسها النصارى١.

وزار عمر بعد ذلك كنيسة المهد في بيت لحم، ولما أدركه وقت الصلاة صلى بها، ثم إنه خشي أن يتخذ المسلمون من صلاته سنة، فيخرجوا أصحابها منها، فكتب للبطريرك عهدًا خاصًا يجعل هذه الكنيسة للنصارى، ويحدد دخول المسلمين إليها بشخص واحد في كل مرة.

وبعد أن مكث في بيت المقدس عشر أيام٢، عاد عمر مع قادة جيشه إلى الجابية لاستكمال مناقشاته، ومشاوراته في شئون المسملين، وتنظيم ما تم فتحه من بلاد الشام.

صلح اللد:

انتشر صلح بيت المقدس في المناطق المجاورة، وبفعل ما حصل عليه النصارى بموجبه من امتيازات، تسابقت قرى المناطق في الحصول على صلح مماثل في شروطه، وقد ظفر أهل اللد من عمر بكتاب جرى عليهم، وعلى البلاد التي دخلت من بعد معهم فيه، فأعطاهم أمانًا على أنفسهم، وأموالهم وكنائسهم وصلبهم سقيمهم، وبريئهم وسائر ملتهم، وألا يكرهوا على دينهم، ولا يضار أحد منهم على أن يعطوا من الجزية ما يعطي أهل مدائن الشام٣.

فتح قيسارية:

الواقع أن عمليات فتح قيسارية، بدأت حين حاصرها عمرو بن العاص في "جمادى الأولى ١٣هـ/ تموز ٦٣٤م"، لكنه لم يتمكن من فتحها؛ لأن الحصار كان متقطعًا، فكان عمرو يقيم عليها ما أقام، فإذا كان المسلمين اجتماع في أمر عدوهم


١ الطبري: ج٣ ص٦٠٨، ٦١١، الواقدي: ج١ ص٢٤٢.
٢ الواقدي: المصدر نفسه.
٣ الطبري: ج٣ ص٦٠٩، ٦١٠.

<<  <   >  >>