للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعقيب على صلح بابليون:

- يتوافق مضمون هذا الصلح مع التوجهات الإسلامية العامة من واقع معاملة أهل البلاد المفتوحة، مثل منح السكان الأمام وحرية العبادة مقابل دفع الجزية.

- حدد الصلح نوعين من الضرائب:

الأول: الجزية، إلا أنه لم يحدد مقدارها ولا توزيعها بين السكان، وقد حددتها مصادر أخرى١ بدينارين دينارين على الرجال القادرين دون سواهم، فلا جزية على الأطفال، والنساء والشيوخ الفانين، والعجزة والرقيق.

الثاني: الخراج على الأرض، وقد حدد مقداره لكن جعله متحركًا يتغير بتغير الوضع الاقتصادي الناتج عن نقصان ماء النيل، وهذا من عدل المسلمين في معاملة أبناء البلاد المفتوحة، كما أنه يدفع على ثلاثة أقساط في السنة، روى البلاذري أن عمرًا: "وضع على كل حالم دينارين جزية إلا أن يكون فقيرًا، وألزم كل ذي أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة، وقسطي زيت وقسطي عسل وقسطي خل، رزقًا للمسلمين تجمع في دار الرزق، وتقسم فيهم"٢، وكان رؤساء القرى يجتمعون لينظروا في الوضع الزراعي، ويحددون مقدار الخراج، فإذا كان المال فوق ما فرض على قريتهم، أنفق في إصلاح أحوالها. وكانت كل قرية تخصص قطعة من الأرض يعود ريعها لإصلاح الأبنية العامة مثل الكنائس والحمامات، وكانوا كذلك يقدرون ما يفرض على الناس من المال لضيافة المسلمين، وكان هذا حقًا من حقوق المسلمين عليهم، وكذلك ما كان يفرض من المال لضيافة الحاكم، وإكرامه إذا وفد عليهم٣.

- الملفت في هذا الصلح تنوع السكان العنصري وهم:

- أهل مصر الوطنيين من الأقباط، وقد اختص الصلح بهم.

- الروم، من رعايا وجنود الإمبراطورية البيزنطية الحاكمة، وكان وضعهم معلقًا على موافقة الإمبراطور، ولذلك ترك لهم حرية الاختيار بين المغادرة والدخول في الصلح، فإذا اختاروا الدخول في الصلح يصبح لهم ما للأقباط من حقوق وواجبات.

- النوب، من رعايا بلاد النوبة الواقعة في جنوب مصر، والمعروف أن هذه البلاد شكلت آنذاك مملكة قوية، وكان رعايها يتاجرون مع الشمال، وقد اختلف وضعهم عن وضع البيزنطيين بوصفهم تجارًا، ففرض عليهم أن يعطوا المسلمين عددًا من


١ البلاذري: ص٢١٨، ابن عبد الحكم: ص١٤١، ١٥١، ١٧٠، ٢٦٦.
٢ فتوح البلدان: ص٢١٦، ٢١٧.
٣ ابن عبد الحكم: ص٢٦٨، ٢٦٩.

<<  <   >  >>