للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة، ووقت الإجابة وليعج الناس إلى الله، ويسألوه النصر على عدوهم"١.

شكل كتاب عمر عامل دفع للمسلمين، فاقتحموا حصون الإسكندرية٢، ففتحوها بحد السيف في "٢٨ ذو القعدة ٢٠هـ/ ٨ تشرين الثاني ٦٤١م" بعد حصار دام أربعة أشهر ونصف٣، وفر البيزنطيون منها بكل اتجاه للنجاة بأنفسهم، وأذعن سكانها من الأقباط، واستبقى عمرو أهلها، ولم يقتل ولم يسب، وجعلهم ذمة كأهل حصن بابليون٤.

تتباين روايات المصادر حول كيفية فتح الإسكندرية، أكان عنوة أو صلحًا؟. ويذكر البلاذري أن المسلمين قاتلوا الحامية البيزنطية قتالًا شديدًا، وحاصروهم مدة ثلاثة أشهر، ثم إن عمرًا فتحها بالسيف، وغنم ما فيها واستبقى أهلها، ولم يقتل ولم يسب، وجعلهم ذمة كأهل بابليون، ويخالف ابن إسحاق البلاذري، في روايته حول فتح الإسكندرية، فيذكر أنها فتحت صلحًا، وليس عنوة على الرغم من أن كلا الطرفين، الإسلامي والبيزنطي في مصر، استعدا للقتال الذي أمكن تجنبه في اللحظة الأخيرة، وتشير هذه الرواية إلى أن المسلمين فتحوا الكثير من القرى حتى وصلوا إلى الإسكندرية، وكانت سباياهم من فتوح هذه القرى عظيمة جدًا، وقد بلغت المدينة ومكة واليمن، حتى إذا وصل إلى بلهيب راسله صاحب الإسكندرية، وعرض عليه الجزيرة مقابل رد السبايا، فأرسل عمرو كتابًا إلى عمر يستشيره، فجاءه الجواب بالموافقة على أن يخير السبايا بين البقاء على دينهم وعليه الجزية، وبين الدخول في الإسلام، فترفع الجزية عنهم، أما من تفرق في الجزيرة العربية، "فإنا لا نقدر على ردهم، ولا نحب أن نصالحه على أمر لا نفي له به"٥.

وتشير الرواية النصرانية أن الإسكندرية فتحت صلحًا، فيذكر حنا النقيوسي أن


١ ابن عبد الحكم: ص١٦٢، ١٦٣.
٢ كانت الإسكندرية تتألف من عدة حصون متداخلة حصن دون حصن. المصدر نفسه: ص١٥٧.
٣ تتباين روايات المصادر والمراجع حول تاريخ فتح الإسكندرية، والراجح أن التوارخ التي اعتمدنا عليها هي أقرب إلى الصحة من واقع حصول الأحداث. انظر: ابن عبد الحكم: ص١٦٣، ١٦٤، البلاذري: ص٢٢١، ٢٢٢، الطبري: ج٤ ص١٠٥، المقريزني: ج١ ص٣٠٣-٣١٠، بتلر: ص٣٤٣، هيكل: ج٢ ص١٤٢، ١٤٣.
٤ البلاذري: ص٢٢٢.
٥ المصدر نفسه: ص٢٢٢، ٢٢٣، ابن عبد الحكم: ص١٥٧، ١٥٩-١٧٠. وقارن بالطبري: ج٤ ص١٠٥، ١٠٦.

<<  <   >  >>