للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء من التعديل يتعلق بخصوصية كل إقليم, وذلك؛ لأن الجبهة البيزنطية استمرت ناشطة برا وبحرا في حين قضى المسلمون بشكل نهائي على الإمبراطورية الفارسية، ولم تعد لها بعد ذلك قائمة، فبالمقارنة مع نظام البنود البيزنطي، فإن هذه كانت أوسع من الأجناد١، وهذا النظام ليس إلا تطبيقًا لما أقامه هرقل في آسيا الصغرى، حيث قسم الأراضي التي لم تحتلها قوى أجنبية إلى مناطق عسكرية كبيرة، وضعت تحت إدارة قادة عسكريين يتمتعون بصلاحيات الحكام الإداريين، وقد استوحى عمر ما كان البيزنطيون قد بدأوا بتطبيقه في عهد هرقل من نظام البنود في آسيا الصغرى، إلا أن الضرورات العسكرية هي التي اوجبت عليه هذا التقسيم، فالساحل الشامي طويل، وبلاد الشام كانت لا تزال مهددة برًا، وبحرًا من قبل البيزنطيين، فكان لا بد من إيجاد مراكز عسكرية متعددة لكي يتمكن كل جند من الدفاع عن المدن الساحلية التابعة له، فقد كانت عرقة وجبيل وصيدا، وبيروت وطرابلس، تابعة لجند دمشق٢، أما اللاذقية وجبلة وبانياس وأنطرطوس، فكانت تابعة لجند حمص٣، وتبعت صور وعكا جند الأردن٤، وقيسارية ويافا وعسقلان وغزة، جند فلسطين٥، ويضم كل جند منطقة ساحلية وأخرى داخلية، بشكل تستطيع معه كل منطقة أن تعتمد على الأخرى عسكريًا واقتصاديًا، وبما أنه لم يكن للمسلمين في ذلك الوقت قوة بحرية قادرة على حماية السواحل؛ فإن مراكز الأجناد كلها كانت مدنًا داخلية، مثل حمص، دمشق، اللد، طبرية٦.


١ المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين: التنبيه والإشراف ص١٥٠.
٢ الهمذاني المعروف بابن الفقيه: كاتب صورة الأرض ص١٥٦.
٣ المصدر نفسه: ص١٦١.
٤ البلاذري: ص١٢٤.
٥ المصدر نفسه: ص١٤٦-١٤٨.
٦ خماش، نجدة: الإدارة ونظام الضرائب في الشام في عصر الراشدين ص٤١٥. مقال في كتاب بلاد الشام في صدر الإسلام، المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ١٩٨٧.

<<  <   >  >>