للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ردود الفعل على اختيار عثمان:

أثار اختيار عثمان خليفة ردود فعل متباينة بين أعضاء مجلس الشورى وخارجه، يمكن ربطها بالأدوار التي قام بها أصحابها في مجمل تطورات الفتنة بعد ذلك، وتوضحت الصورة السياسية للمجتمع الإسلامي الذي انقسم إلى أربع فئات على النحو التالي:

١- الفئة الموالية لآل البيت بعامة ولعلي بخاصة، وقد عارض أفرادها قرار مجلس الشورى، فقد أظهر على منذ البداية عدم اطمئنانه إلى تركيبة هذا المجلس الذي كانت آراء معظم أعضائه تميل لغير صالحه، وشكا ذلك إلى بني هشام "إن أطيع فيكم قومكم لم تؤمروا أبدًا"١، وأضاف أن عبد الرحمن بن عوف، وسعدًا بن أبي وقاص لا يخالف أحدهما الآخر، وعبد الرحمن صهر عثمان، فأحدهما لا يخالف صاحبه، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن. وخشي إن ولي عثمان "ليتداولنها، ولئن فعلوا ليجدني حيث يكرهون"، بالإضافة إلى ذلك، فإنه شك في مواقف طلحة والزبير، وبفعل عدم ثقته بعبد الرحمن بن عوف رفض إعطاءه مهمة الاختيار إلا بعد أن حلف له بألا يتبع الهوى، وألا يؤثر إلا الحق، ولا يخص ذا رحم، ولا يأل الأمة٢، كما اجتمع بسعد بن أبي وقاص وناشده، بعدم هضم حقه بالخلافة٣، واتهم قريشًا بالممالأة على هضم حقوق آل البيت، وإبعاده عن الحكم٤، وهو اتهام يعكس وجهة نظر عمر بن الخطاب في فرص كل عضو من أعضاء مجلس الشورى في تسلم الحكم٥: "إن عليًا لأحق الناس بها، ولكن قريشًا لا تحتمله، ولئن وليهم ليأخذنهم بمر الحق، لا يجدون عنده رخصة، ولئن فعل لينكثن بيعته ثم ليتحاربن"٦، ومع ذلك فإن عليًا بايع عثمان فورًا، أو بعد تردد٧.

نذكر من بين شخصيات هذه الفئة: العباس بن عبد المطلب، والمقداد بن عمرو وأبا ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وقد حفلت الروايات التي استعرضت مواقفهم بالميول الشيعية، والعباسية الواضحة، ويلاحظ بأن هذه الشخصيات ستؤدي دورًا.


١ الطبري: ج٤ ص٢٢٩.
٢ المصدر نفسه: ص٢٣١.
٣ البلاذري: ج٦ ص١٢٣.
٤ الطبري: ج٤ ص٢٣٣.
٥ البلاذري: ج٦ ص١٢٠، ١٢١. ابن قتيبة: ج١ ص٢٦.
٦ اليعقوبي: ج٢ ص٥١، ٥٢.
٧ البلاذري: ج٦ ص١٢٨، ١٢٩. الطبري: ج٤ ص٢٣٨.

<<  <   >  >>