للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني عشر: الفتنة الكبرى ومقتل عثمان

تمهيد:

أدى استقرار الموجة الأولى من الفاتحين المسلمين في الأقطار المفتوحة، إلى نشوء بيئة اجتماعية جديدة تعيش فيها مختلف شرائح المجتمع الفاتح، وجسد تخطيط المدن الإسلامية، وبخاصة الكوفة والبصرة، استقرار القبائل التي حملت عبء الفتوح، في الأراضي المفتوحة، وترسيخ سيطرتها بشكل مثير للانتباه، وساهم تدفق الأموال، وتكديس الثروات في المدينة، والأمصار نتيجة الفتوح؛ في خلق طبقة اجتماعية جديدة أخذت في النمو بحيث أضحى من الضروري إعادة تنظيم هيكل الحياة الاجتماعية، فهناك الأمصار بما تحويه من المقاتلين المتفرغين للجهاد، وهناك أيضًا السلطة المركزية في المدينة مع بيت مالها، وولاتها وعمالها، تتابع دورها الرئيس كمشرفة على نشاط المقاتلين، وعلاقتهم بالأرض التي يفتحونها، والشعوب التي ينتصرون عليها.

والواقع أن تدفق الأموال على بيت المال، وتكديس الثروات في أيدي الطبقات الاجتماعية، ترك آثارًا على مختلف نواحي الحياة، فقد تدفقت الأموال على المدينة، وتركزت فيها حيث كانت تنقل إلى هناك في ظل قلة النفقات، فالعطاء لا يطال سوى بضع مئات، أو آلاف من الناس لا يمكن مقارنتهم مع التجمعات الضخمة في العراق وبلاد الشام، كما أن المدينة لم تكن تشارك في النفقات الإدارية، والعسكرية التي كانت تجبى محليًا في الأمصار، كما وجدت الثروات طرائقها إلى المقاتلين، والقادة والتجار وحتى المواطنين العاديين، فتركزت القوة المالية والعسكرية في الأمصار، فأغرت أصحابها بالاستمتاع بها، ودفعت بعضهم إلى حياة البذخ والترف.

كان من الطبيعي أن تفرز هذه الحياة الجديدة علاقات أخرى أكثر ملاءمة بين الحكم في المدينة، وجمهور القبائل تتناسب مع التوجهات المفرزة، وتفتح آفاقًا جديدة للتطور الاجتماعي والسياسي، كان لا بد أن يصطدم مع سيادة المدينة

<<  <   >  >>